(لَدُنْ) بمعنى عند إلّا أنّها مبنية غير معربة لأنها لا تتمكّن.
وقرأ المدنيون وأبو عمرو بشهاب قبس (١) وقرأ الكوفيون (بِشِهابٍ قَبَسٍ) فزعم الفراء(٢) في ترك التنوين أنه بمنزلة قولهم : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) [يوسف : ١٠٩] يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلفت أسماؤه. قال أبو جعفر : إضافة الشيء إلى نفسه محال عند البصريين (٣) ؛ لأن معنى الإضافة في اللغة ضمّ شيء ليبيّن به معنى الملك والنوع فمحال أن يبيّن أنه مالك نفسه أو من نوعها. و «بشهاب قبس» إضافة النوع إلى الجسم كما تقول : هذا ثوب خزّ. والشهاب كلّ ذي نور ، نحو الكوكب والعود الموقد. والقبس اسم لما يقتبس من جمر وما أشبه ، فالمعنى : بشهاب من قبس. يقال :
قبست قبسا ، والاسم قبس ، كما تقول : قبض قبضا والاسم القبض ، ومن قرأ «بشهاب قبس» جعله بدلا ، ويجوز «بشهاب قبسا» في غير القرآن على أنه مصدر أو بيان أو حال. (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) أصل الطاء تاء فأبدل منها طاء لأنّ الطاء مطبقة ، والصاد مطبقة فكان الجمع بينهما حسنا.
قال أبو إسحاق «أن» في موضع نصب أي بأنه «قال». ويجوز أن يكون في موضع رفع ، جعلها اسم ما لم يسمّ فاعله. وحكى أبو حاتم : أن في قراءة أبيّ وابن عباس ومجاهد أن بوركت النار ومن حولها (٤) ومثل هذا لا يوجد بإسناد صحيح ، ولو صحّ لكان على التفسير ، وقد روى سعيد عن قتادة «أن بورك من في النّار ومن حولها» قال : الملائكة. وحكى الكسائي عن العرب : باركك الله ، وبارك فيك.
(فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) في موضع نصب على الحال. (كَأَنَّها جَانٌ) والجانّ عند العرب الثعبان ، وهو الحيّة العظيمة (وَلَّى مُدْبِراً) على الحال. (وَلَمْ يُعَقِّبْ) قال قتادة : أي لم
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٣٦ ، والبحر المحيط ٧ / ٥٣.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٨٦.
(٣) انظر الإنصاف مسألة (٦١).
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٨٦ ، والبحر المحيط ٧ / ٥٥.