تحت يديها اثنا عشر ألفا قيول تحت يدي كلّ قيل مائة ألف فأجابتهم عن هذا (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها) أي عنوة أي على القهر والغلبة (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) قال الله جلّ وعزّ : (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) وليس هذا من كلامها ، كذا قال سعيد بن جبير.
(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ) قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : أرسلت إليهم بلبنة من ذهب أو بذهب ، قرأت الرسل الحيطان من ذهب فصغر عندهم ما جاءوا به وقالت :
«مرسلة إليهم» وإنما هو إلى سليمان صلىاللهعليهوسلم كما يخبر عن الملوك فيخاطبون ويخاطبون ، وقد قيل : إنّ الهدية كانت غير هذا إلّا أن قوله : «أتمدّونني بمال» يدلّ على هذا (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) والأصل «بما» ، حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر ، وإنما يكون هذا إذا كان قبل «ما» حرف جر ، تقول في الخبر : رغبت فيما عندك فتثبت فيما عندك الألف لا غير. وتقول في الاستفهام : فيم نظرت؟ فتحذف الألف ، وأجاز الفراء (١) إثباتها في الاستفهام ، هذا الشذوذ الت جاء القرآن بخلافها.
(فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) وإن شئت أدغمت النون في النون فذلك جائز وإن كان فيه جمع بين ساكنين.
(فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) لام قسم والنون لها لازمة. قال أبو جعفر : وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول : هي لام توكيد ، وكذا كان عنده أنّ اللامات كلّها ثلاث لا غير : لام توكيد ولام أمر ولام خفض ، وهذا قول الحذّاق من النحويين لأنهم يردّون الشيء إلى أصله ، وهذا لا يتهيّأ إلّا لمن درب بالعربية. (أَذِلَّةً) على الحال. (وَهُمْ صاغِرُونَ) في موضع الحال أيضا. قيل : إنما أراد بهذا أنهم إذا أتوا مسلمين لم يجز أن يؤتى بعرشها إلّا بإذنها ، وقيل : إنما أراد سليمان صلىاللهعليهوسلم أن يظهر آية معجزة.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٩٢.