قال الفراء (١) (بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ) بالرفع لأنه صلة للكتاب وكتاب نكرة. قال : وإذا جزمت وهو الوجه فعلى الشرط.
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) ابتداء وخبر. قال أبو العالية : هؤلاء قوم من أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم. قال محمد بن إسحاق : سألت الزّهري عن قوله جلّ وعزّ (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) من هم ، فقال : النجاشي وأصحابه ، ووجّه باثني عشر رجلا فجلسوا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم فآمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه فقالوا لهم خيّبكم الله من ركب ، وقبحكم من وفد لم تلبثوا أن صدقتموه ، ما رأينا ركبا أحمق ولا أجهل منكم ، فقالوا : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) لم نأل أنفسنا رشدا لنا أعمالنا ولكن أعمالكم (وَيَدْرَؤُنَ) من درأت أي دفعت أي يدفعون بالاحتمال والكلام الحسن الأذى ، وقيل يدفعون بالتوبة والاستغفار الذنوب. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فأثنى عليهم بأنهم ينفقون من أموالهم.
شرط ومجازاة. تجبى إليه ثمرات كلّ شيء (٢) على تأنيث الجماعة و (يُجْبى) على تذكير الجمع ، وثمرات جمع ثمرة ، وثمر جمعه ثمار.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) منصوب عند المازني بمعنى في معيشتها فلما حذف «في» تعدّى الفعل ، وهو عند الفراء (٣) منصوب على التفسير ، قال : كما تقول : أبطرك مالك وبطرته ، ونظيره عنده (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] ، وكذا عنده (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [النساء : ٤] ونصب المعارف على التفسير محال عند البصريين لأن معنى التفسير والتمييز أن يكون واحدا نكرة يدلّ على الجنس.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٠٧.
(٢) انظر تيسير الداني ١٣٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١٢١ وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٤.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٠٨.