وقد زعم بعض النحويين أنّ «إبليس» مشتقّ من هذا وأنه أبلس أي انقطعت حجّته ، ولو كان كما قال لوجب أن ينصرف وهو في القرآن غير منصرف فاحتجّ بعضهم بأنه اسم ثقل لأنه لم يسمّ به غيره.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ) قيل : يعني بشركائهم ما عبدوه من دون الله جلّ وعزّ. (وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) قالوا : ليسوا بآلهة.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) سمعت أبا إسحاق يقول : معنى «أمّا» دع ما كنّا فيه وخذ في غيره ، وكذا قال سيبويه : إنّ معناها مهما يكن من شيء أي مهما يكن من شيء فخذ في غير ما كنّا فيه. (الَّذِينَ آمَنُوا) في موضع رفع بالابتداء (فَهُمْ) ابتداء ثان وما بعده خبر عنه والجملة خبر «الذين». قال الضحاك : (فِي رَوْضَةٍ) في جنة. والرياض الجنات. وقال أبو عبيدة : الروضة ما كان في تسفّل فإن كان مرتفعا فهو ترعة ، وقال غيره :
أحسن ما تكون الروضة إذا كانت في موضع مرتفع غليظ ، كما قال الأعشى : [البسيط]
٣٣٧ ـ ما روضة من رياض الحزن معشبة (١)
إلّا أنه لا يقال : لها روضة إلّا إذا كان فيها نبت فإن لم يكن فيها نبت وكانت مرتفعة فهي ترعة وقد قيل في الترعة غير هذا. قال الضحّاك : «يحبرون» يكرمون.
حكى الكسائي حبرته أي أكرمته ونعمته. قال أبو جعفر : سمعت علي بن سليمان يقول : هو مشتق من قولهم : على أسنانه حبرة أي أثر فيحبرون أي يتبيّن عليهم أثر النعيم ، الحبر مشتقّ من هذا.
أهل التفسير على أنّ هذا في الصلوات. قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول : حقيقته عندي فسبّحوا الله في الصلوات لأن التسبيح يكون في الصلاة ، وعن
__________________
(١) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٠٧ ، ولسان العرب (تدع) ، و (هطل) ، و (حزن) ، وتهذيب اللغة ٢ / ٢٦٦ ، وتاج العروس (حزن) ، وعجزه : «خضراء جاد عليها مسبل هطل»