وعزّ ببرّ الوالدة؟ فو الله لا أطعم ولا أشرب حتى تكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أو جروها بالعصا وجعلوا في فيها الطعام والشراب ، فنزلت (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) إلى (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) الآية فأما نصب «وهنا على وهن» قال أبو جعفر : فما علمت أن أحدا من النحويين ذكره فيكون مفعولا ثانيا على حذف الحرف أي حملته بضعف على ضعف أو فازدادت ضعفا على ضعف ، و (مَعْرُوفاً) نعت لمصدر محذوف. وزعم أبو إسحاق في كتابه أن «أن» في موضع نصب وأن المعنى ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك. وهذا القول على مذهب سيبويه بعيد ولم يذكر أبو إسحاق فيما علمت غيره. وأجود منه أن تكون «أن» مفسرة والمعنى : قلنا له اشكر لي ولوالديك.
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) معنى إقامة الصّلاة إتمامها بجميع فروضها ، كما يقال : فلان قيّم بعمله الذي وليه أي قد وفّى العمل جميع حقوقه ، ومنه هذا قوام الأمر (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) وهو أن لا يخرج من الجزع إلى معصية الله وكذا الصبر عن المعاصي.
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) قد ذكرناه وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال : «تصاعر» من واحد مثل عافاه الله (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي متبخترا متكبرا. وهو مصدر في موضع الحال.
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي توسّط والتوسط أحمد الأمور ، وكذا (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أدّبه الله جلّ وعزّ بالأمر بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قال أبو عبيدة (١) : أي أشدّ ، وقال الضحاك : وهما جميعا على المجاز.
وفي الحديث «ما صاح حمار ولا نبح كلب إلّا أن يرى شيطانا» (٢).
__________________
(١) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢ / ١٢٧.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ـ الدعاء ١٣ / ١٣ ، بمعناه.