(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وذلك من نعم الله جلّ وعزّ على بني آدم فالأشياء كلّها مسخرة لهم من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم ، وتجرّ إليهم منافعهم ، ومن سماء وما فيهما لا يحصى (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) على الحالومن قرأ نعمة ظاهرة وباطنة (١) جعله نعتا ، وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح مروية وفسرها : الإسلام ؛ وشرح هذا أنّ سعيد بن جبير قال في قوله جلّ وعزّ :
(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) [المائدة : ٦] قال : يدخلكم الجنة وتمام نعمة الله على العبد أن يدخله الجنة فكذا لمّا كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمّي نعمة ، وعن ابن عباس قال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال : هو النّضر بن الحارث.
(أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) أي أولو كان كذا يتّبعونه على التوبيخ.
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) وقراءة أبي عبد الرحمن السلمي (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ). قال : «يسلم» في هذا أعرف ، كما قال جلّ وعزّ : (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) ومعنى «أسلمت وجهي لله» قصدت بعبادتي إلى الله وأقررت أنه لا إله غيره ، ويجوز أن يكون التقدير : ومن يسلم نفسه إلى الله مثل (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] معناه إلّا إياه. ويكون يسلّم على التكثير إلّا أنّ المستعمل في سلّمت أنه بمعنى دفعت يقال : سلّمت في الحنطة وقد يقال : أسلمت. وروى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جلّ وعزّ : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قال : لا إله إلا الله.
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) «أنّ» في موضع رفع ، والتقدير ولو وقع هذا و «أقلام» خبر أن. (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) مرفوع من جهتين : إحداهما العطف على الموضع ،
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٣ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥١٣.