والأخرى أن يكون في موضع الحال. وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) (١)
بالنصب على اللفظ. وحكى يونس عن ابن أبي عمرو بن العلاء قال : ما أعرف للرفع وجها إلّا أن يجعل البحر أقلاما وأبو عبيد يختار الرفع لكثرة من قرأ به إلا أنه قال : يلزم من قرأ بالرفع أن يقرأ و (كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) [المائدة : ٤٥]. قال أبو جعفر :
هذا مخالف لذاك عند سيبويه ، قال سيبويه (٢) : أي والبحر هذا أمره يجعل الواو تؤدّي عن الحال ، وليس هذا في (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (يمدّه) ، وحكي «يمدّه» على أنهما لغتان بمعنى واحد ، وحكي التفريق بين اللغتين وأنّه يقال فيما كان يزيد في الشيء مدّة يمدّه كما تقول : مدّ النيل الخليج ، أي زاد فيه ، وأمدّ الله جلّ وعزّ الخليج بالنيل. وهذا أحسن القولين ، وهو مذهب الفراء (٣) ، ويجوز تمدّه. (مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) على تأنيث السبعة. (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) قال قتادة : قالوا : إنّ ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم سينفد فأنزل الله جلّ وعزّ يعني هذا.
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) قال الضحاك : أي ما ابتداء خلقكم جميعا إلّا كخلق نفس واحدة ، وما بعثكم يوم القيامة إلّا كبعث نفس واحدة. قال أبو جعفر :
وهكذا قدّره النحويون بمعنى إلّا كخلق نفس واحدة مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ).
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) عن ابن مسعود أنه قال : قصر نهار الشتاء في طول ليله ، وقصر ليل الصيف في طول نهاره.
(وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) لأن سبيل الموج إذا اشتدّ أن يرتفع. قال الفراء : يعني بالظّلل السحاب. قال الخليل وسيبويه رحمهماالله في قاض وجاز : يوقف عليهما بغير تاء ، وعلتهما في ذلك أن يعرف أنه في الوصل كذلك وكان القياس أن يوقف عليهما بالياء لأن التنوين يزول في الوقف ، وحكى يونس أن بعض العرب الموثوق بلغتهم يقف بالياء فيقول : جاءني قاضي وجازي.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٣ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥١٣.
(٢) انظر الكتاب ٢ / ١٤٥.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٢٩.