(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في موضع رفع بالابتداء فوصفه الله جلّ وعزّ بالإيمان ، وخبر الابتداء (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) والمعنى : فله ولنظرائه فعلى هذا جاء الجمع ، وكذا (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما) ظرف.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) لام قسم. (مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) أي الأقرب ، وأكثر أهل التفسير على أنها المصيبات في الدنيا.
(وَمَنْ أَظْلَمُ) أي لنفسه. (مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) أي بحججه وعلاماته. (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) بترك القبول فاعلم أنه ينتقم منه ، فقال جلّ وعزّ : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ).
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) مفعولان. (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) قد ذكرناه ، وقد قيل : إن معناه فلا تكن في شكّ من تلقي موسى صلىاللهعليهوسلم الكتاب بالقبول ، وعن الحسن أنه قال في معناه : ولقد آتينا موسى الكتاب فأوذي وكذّب فلا تكن في شكّ من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى. وهو قول غريب إلّا أنه من رواية عمرو بن عبيد.
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً) والكوفيون يقرءون أمّة وهو لحن عند جميع النحويين ، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة وهو من دقيق النحو ، وشرحه أن الأصل أأممة ثم ألقيت حركة الميم الأولى على الهمزة ، وأدغمت الميم في الميم وخفّفت الهمزة الثانية لئلا تجتمع همزتان ، والجمع بين همزتين في حرفين بعيد فأما في حرف واحد فلا يجوز البتة إلّا بتخفيف آدم وآخر وهذا آدم من هذا (لَمَّا صَبَرُوا) (١) لصبرهم و (لَمَّا صَبَرُوا) أي حين صبروا جعلناهم أئمة.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٤ ومعاني الفراء ٢ / ٣٣٢ ، والبحر المحيط ٧ / ٢٠٠ ، وهذه قراءة عبد الله وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي ، والجمهور بفتح الميم وشدّ الميم.