المعنى ، فإن قال قائل : إذا قلت : أعطيت زيدا دينارا ولعمرو درهم ، فرفعت لم يكن فيه كمعنى الأول ، وجاز أن يكون لم تعطه الدرهم قيل : الأمر كذا الآية على خلاف هذا من المعنى قد علم أنه لم يسخّرها أحد غير الله جلّ وعزّ (غُدُوُّها شَهْرٌ) أي مسيرة شهر ، وكذا (وَرَواحُها شَهْرٌ) وروى الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان سليمان صلىاللهعليهوسلم إذا جلس نصبت حواليه أربعمائة ألف كرسيّ ثم جلس رؤساء الإنس مما يليه ، وجلس سفلة الإنس مما يليهم ، وجلس رؤساء الجنّ مما يلي سفلة الإنس وجلس سفلة الجن مما يليهم ، وموكل بكلّ كرسي طائر يعمل بعينه ثم تقلّهم الريح والطير تظلّهم من الشمس ، فيغدو من بيت المقدس إلى إصطخر فيقيل بها ثم يروح من إصطخر فيبيت في بيت المقدس ثمّ قرأ ابن عباس (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ. وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) «من» في وضع نصب بمعنى وسخرنا ، ويجوز أن يكون في موضع رفع كما تقدّم في الريح. (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) شرط وجوابه. و (مِنَ) في موضع رفع بالابتداء وهو تام.
(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) لم ينصرفا لأن هذا الجمع ليس له نظير في الواحد ، ولا يجمع كما يجمع غيره من الجموع. والمحراب في اللغة كلّ موضع مرتفع وقيل للذي يصلّي إليه : محراب ، لأنه يجب أن يرفّع ويعظّم ، وقال الضحاك : «من محاريب» أي من مساجد وتماثيل ، قال : صور فقال قوم : عمل الصور جائز لهذه الآية ولما أخبر الله جلّ وعزّ عن المسيح صلىاللهعليهوسلم ، وقال قوم : قد صحّ النهي عن النبي صلىاللهعليهوسلم عنها والتوعّد لمن عملها أو اتخذها فنسخصلىاللهعليهوسلم هذا ما كان مباحا قبله ، وكانت في ذلك الحكمة لأنه بعث صلىاللهعليهوسلم والصّور تعبد ، وكان الأصلح إزالتها. (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) الأولى أن يكون بالياء ، ومن حذف الياء قال : سبيل الألف واللام أن يدخلا في النكرة فلا يغيّرها عن حالها فلما كان يقال : «جواب» ودخلت الألف واللام أقرّ على حاله بحذف الياء وواحد الجوابي جابية وهي القدر العظيمة والحوض الكبير الذي يجبى إليه الشيء أن يجمع ، ومنه جبيت الخراج وجبيت الجراد أي جعلت كساء فجمعته فيه ، إلا أنّ ليثا روى عن مجاهد قال :
الجوابي جمع جوبة. قال أبو جعفر : الجوبة الحفرة الكبيرة تكون في الجبل يجتمع فيها ماء المطر (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) قال سعيد بن جبير : هي قدور النحاس تكون بفارس. قال الضحاك: هي قدور كانت تعمل من حجارة الجبال. (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) أي يقال لهم.
(آلَ داوُدَ) نداء مضاف ونصب شكر عند أبي إسحاق من جهتين : إحداهما اعملوا للشكر أي لتشكروا الله جلّ وعزّ ، والأخرى أن يكون التقدير : اشكروا شكرا. (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ