وأنشد سيبويه : [الرجز]
٣٤٧ ـ فنام ليلي وتجلّى همّي (١)
أي نمت فيه ، وروى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) قال ممرّ اللّيل والنّهار عليهم فغفلوا ، وقرأ راشد (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٢) بالنصب كما يقال : رأيته مقدم الحاج ، وإنما يجوز هذا فيما يعرف ، ولو قلت : رأيته مقدم زيد لم يجز (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) قال : ويقال : نديد وأنشد :
[الوافر]
٣٤٨ ـ أتيما تجعلون إليّ ندّا |
|
وما تيم لذي حسب نديد (٣) |
(وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) في معناه قولان : أحدهما أن معنى أسروا أظهروا وأنه من الأضداد ، كما قال : [الطويل]
٣٤٩ ـ تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا |
|
عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي (٤) |
وقد روي يشرّون. وقيل وأسرّوا الندامة تبيّنت الندامة في أسرار وجوههم.
وقيل : الندامة لا تظهر وإنما تكون في القلب وإنما يظهر ما يتولّد عنها.
(إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) قال سعيد عن قتادة : مترفوها جبابرتها ورؤوسها وقادة الشر.
أحسن ما قيل في هذا قاله الحسن ، قال : يخير له والمعنى على قوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن الله جلّ وعزّ إنما يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقدر على المحنة ويفعل بهم الذي هو خير لهم.
__________________
(١) الرجز لرؤبة في ديوانه ١٤٢ ، والمحتسب ٢ / ١٨٤ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٢٠٢ ، والمقتضب ٣ / ١٠٥.
(٢) وهذه قراءة ابن جبير وطلحة أيضا ، انظر البحر المحيط ٧ / ٢٧١ ، ومختصر ابن خالويه ١٢٢.
(٣) مرّ الشاهد رقم (٢٣٧).
(٤) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ١٣ ، وجمهرة اللغة ٧٣٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٥١ ، ولسان العرب (شرر) ، ومغني اللبيب ١ / ٢٦٥ ، وبلا نسبة في رصف المباني ٢٩٢.