(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) في الكلام حذف لعلم السامع والتقدير : فقتلوه فقيل : ادخل الجنة فلمّا رأى ما هو فيه من النعيم. (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ).
(بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) فيه ثلاثة أوجه : تكون «ما» مصدرا ، وتكون بمعنى «الذي» ، والثالث استفهاما ، وهذا ضعيف لأن الأكثر في الاستفهام : بم غفر لي ربّي؟ بغير ألف (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) قال أبو مجلز : أي بإيماني وتصديقي الرسل. قال أبو إسحاق :
(مِنَ الْمُكْرَمِينَ) أي أدخلني الجنة.
(وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) أي لم ينزل جندا من السماء ينتصرون له.
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) في «كانت» مضمر أي أن كانت عقوبتهم أو بليتهم إلّا صيحة. قرأ أبو جعفر إن كانت إلّا صيحة واحدة بالرفع. قال أبو حاتم : ينبغي ألا يجوز لأنه إنما يقال : ما جاءني إلّا جاريتك ، ولا يقال : ما جاءتني إلّا جاريتك ، لأن المعنى ما جاءني أحد إلا جاريتك أي فلو كان كما قرأ أبو جعفر لقال : إن كان إلا صيحة واحدة. قال أبو جعفر : لا يمتنع من هذا شيء ، يقال : ما جاءتني إلّا جاريتك ، بمعنى ما جاءتني امرأة أو جارية. والتقدير : بالرفع في القراءة ما قاله أبو إسحاق ، قال : المعنى إن كانت عليهم صيحة إلّا صيحة واحدة وقدّره غيره بمعنى : ما وقعت إلّا صيحة واحدة «وكان» بمعنى : وقع كثير في كلام العرب. وقرأ عبد الرحمن بن الأسود ، ويقال : إنه في حرف عبد الله كذلك : إن كانت إلّا زقية واحدة (١). قال أبو جعفر : هذا مخالف للمصحف ، وأيضا فإن اللغة المعروفة : زقا يزقو إذا صاح فكان يجب على هذا أن يكون إلّا زقوة. قال قتادة : (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) أي هالكون.
(يا حَسْرَةً) منصوب لأنه نداء نكرة لا يجوز فيه إلا النصب عند البصريين ، وزعم الفراء أنّ الاختيار النصب وأنها لو رفعت النكرة الموصولة بالصفة لكان صوابا ، واستشهد بأشياء منها أنه سمع من العرب : يا مهمّ بأمرنا لا تهتمّ. وأنشد : [الكامل]
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٧٥ ، ومختصر ابن خالويه ١٢٥.