(قالُوا يا وَيْلَنا) منصوب على أنه نداء مضاف أي من أيّامك ومن ابّانك ، ويجوز أن يكون منصوبا على معنى المصدر ، ويكون المنادى محذوفا على أن الكوفيين يقدّرونه «وي لنا» منفصلة فإذا قيل لهم فلم قلتم : ويل زيد؟ ففتحتم اللام وهي لام خفض ولم قلتم ويل له؟ فضممتم اللام ونونتموها ثم حكيتم : ويل زيد بالضم غير منوّن اعتلّوا بعلل لا تصحّ. قال أبو جعفر : وسنذكرها إن شاء الله فيما يستقبل. (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) يقال : كيف قالوا هذا وهم من المعذّبين في قولكم في قبورهم؟ فالجواب أن أبيّ بن كعب قال : ناموا نومة. وقال أبو صالح : إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور ، وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة فذلك قولهم : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا). قال مجاهد : أي فيقول لهم المؤمنون (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) وقال قتادة : فقال لهم من هدى الله (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) وقال الفراء : أي فقال لهم الملائكة (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ). قال أبو جعفر : وهذه الأقوال متفقة لأن الملائكة من المؤمنين وممن هدى الله وقرأ مجاهد ويروى عن ابن عباس (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا). قال أبو جعفر : وعلى هذا يتأوّل قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) [البينة : ٧] وكذا الحديث «المؤمن عند الله خير من كلّ ما خلق» (١)
ويجوز أن يكون الملائكة صلّى الله عليهم وغيرهم من المؤمنين قالوا «هذا ما وعد الرحمن» ، والتمام على هذا «من مرقدنا» «وهذا» في موضع رفع بالابتداء وخبره «ما وعد الرحمن» ويجوز أن يكون «هذا» في موضع خفض على النعت لمرقدنا فيكون التمام «من مرقدنا هذا» ويكون «ما وعد الرحمن» في موضع رفع من ثلاث جهات ذكر أبو إسحاق منها اثنتين ، قال : يكون بإضمار «هذا» ، والثانية : أن يكون بمعنى حق ما وعد الرحمن ، وقال أبو جعفر : والثالثة: أن يكون بمعنى بعثكم ما وعد الرحمن.
(فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ) مبتدأ وخبره وجميع نكرة و (مُحْضَرُونَ) من نعته.
قال عبد الله بن مسعود وابن عباس : شغلهم بافتضاض العذارى ، وقال أبو قلابة :
بينما الرجل من أهل الجنة مع أهله إذ قيل له تحول إلى أهلك فيقول : أنا مع أهلي مشغول فيقال له : تحوّل أيضا إلى أهلك ، وقيل : أصحاب الجنة في شغل بما هم فيه
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في سننه باب ٦ ـ الحديث رقم (٣٩٤٧).