أراد الحبال. قال أبو إسحاق : من قرأ بالتاء جعل «أنّ» في موضع نصب أي تخيل إليه ذات سعي. قال : ويجوز أن تكون في موضع رفع على البدل ، بدل الاشتمال ، كما حكى سيبويه : ما لي بهم علم أمرهم. أي ما لي بأمرهم علم. قال : وأنشد : [الرجز]
٢٩٧ ـ وذكرت تقتد برد مائها (١)
أي ذكر برد ماء تقتد.
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) يقال : إنه خاف أن يفتن الناس لمّا ألقى السحرة حبالهم وعصيّهم ، وكانوا بالبعد من الناس في ناحية ، وفرعون وجنوده في ناحية ، وموسى وهارون صلّى الله عليهما في ناحية. فخاف موسى صلىاللهعليهوسلم أن يشبّه على النّاس إذ كانوا يتخيّلون أنّ الحبال والعصيّ تسعى ، وأنها حيات فيتوهمون أنهم قد ساووا موسى صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به. ويقال : إن موسىصلىاللهعليهوسلم إنما خاف لأنه أبطأ عليه الأمر بإلقاء العصا فأوحى الله جلّ وعزّ إليه (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) أي لا تخف الشّبه فإنّا سنبيّن أمرك حتى تعلو عليهم بالبرهان.
(وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) فألقى العصا فتلقّفت حبالهم وعصيهم ، وكانت حمل ثلاثمائة بعير ، ثم عادت عصا لا يعلم أحد أين ذهبت الحبال والعصيّ إلّا الله جل وعزّ. قال أبو إسحاق : الأصل في «خيفة» خوفة أبدل من الواو ياء لانكسار ما قبلها.
قال : ويجوز (تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) بالرفع يكون فعلا مستقبلا في موضع الحال المقدّرة.
قال : ويجوز «أنّ ما صنعوا» بفتح الهمزة. أي لأن ما. (كَيْدُ ساحِرٍ) بالرفع على خبر إنّ ؛ و «ما» بمعنى الذي ، والنصب على أن تكون ما كافة. وقرأ الكوفيون إلّا عاصما كيد سحر (٢) على إضافة النوع والجنس ، كما تقول : ثوب خزّ.
(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) الضمير عائد على موسى صلىاللهعليهوسلم ، احتال فرعون في
__________________
(١) الرجز لجبر بن عبد الرحمن في شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٨٥ ، ولأبي وجزة السعدي في معجم البلدان (تقتد) ، ولأحد الاثنين في المقاصد النحوية ٤ / ١٨٣ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٤٠٢ ، والكتاب ١ / ٢٠٤ ، وبعده: «وعتل البول على أنسائها»
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٤٢ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٢٠.