قال أبو إسحاق : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ) «من» في موضع رفع ، وقال الفراء(١):
يجوز أن يكون في موضع نصب ، مثل (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠]. قال أبو إسحاق : وهذا خطأ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ومن هاهنا استفهام ؛ لأن المعنى : فستعلمون أأصحاب الصراط نحن أم أنتم ، وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِ) (٢) على فعلى بغير همز ، وتأنيث الصراط شاذ قليل. قال الله جلّ وعزّ (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] فجاء مذكّرا في هذا وفي غيره. وقد ردّ هذا أبو حاتم فقال : إن كان من السّوء وجب أن يكون السوءى ، وإن كان من السواء وجب أن يقول : السيّى بكسر السين ، والأصل السويا ، قال أبو جعفر : جواز قراءة يحيى بن يعمر والجحدري أن يكون الأصل السوءى ، والساكن ليس بحاجز حصين فكأنه قلب الهمزة ضمة فأبدل منها ، والساكن ليس بحاجز ألفا إذا انفتح ما قبلها. (وَمَنِ اهْتَدى) معطوف على «من» الأولى.
والفراء (٣) يذهب إلى أنّ معنى من أصحاب الصراط السّويّ : من لم يضلّ ، وإلى أن معنى «ومن اهتدى» من ضلّ ثم اهتدى.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ١٩٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧١.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ١٩٧.