(بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) قال أبو إسحاق : أي بل قلوبهم في عماية من هذا وقيل : بل قلوبهم في غمرة من هذا الكتاب الذي ينطق بالحق وأعمالهم فيه محصاة.
وهذه قراءة حسنة مشاكلة لأول القصّة لأن في القصة ذكر نكوصهم على أعقابهم فيشبه هذا أنهم هجروا النبي صلىاللهعليهوسلم والكتاب. وقال الكسائي : (تَهْجُرُونَ) تهذون. قال أبو جعفر : يقال : هجر المحموم إذا غلب على عقله فهذي ، فيكون معنى الآية ـ والله أعلم ـ أنكم تتكلّمون في النبيّ صلىاللهعليهوسلم بما لا يضرّه وبما ليس فيه فأنتم كمن يهذي.
ويقال : ما زال ذاك إهجيراه وهجيراه أي عادته كأنه يهذي به حتى صار له عادة.
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا) هذا تستعمله العرب على معنى التوقيف والتقبيح ، فيقولون الخير أحبّ إليك أم الشرّ ، أي قد اخترت الشرّ.
أهل التفسير مجاهد وأبو صالح وغيرهما يقولون : «الحقّ» هاهنا الله جلّ وعزّ. وتقديره في العربية : ولو اتّبع صاحب الحقّ ، وقد قيل : هو مجاز أي لو وافق الحقّ أهواءهم فجعل موافقته اتّباعا مجازا أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله جلّ وعزّ ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك إمّا عجزا وإمّا جهلا لفسدت السموات والأرض. وقيل : المعنى لو كان الحقّ فيما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله لتنافست الآلهة وأراد بعضهم ما لا يريد بعض فاضطرب التدبير ، وفسدت السموات والأرض ، وإذا فسدتا فسد من فيهما.
قال الأخفش : الخرج واحد إلّا أنّ اختلاف الكلام أحسن. وقال أبو حاتم : الخرج الجعل والخراج العطاء ، وقول محمد بن يزيد : الخرج المصدر ، والخراج الاسم ، والمعنى أم تسألهم رزقا ، فرزق ربّك خير وهو خير الرازقين أي ليس أحد يرزق مثل رزقه ولا ينعم مثل إنعامه.
أي إلى دين مستقيم ، والصراط في اللغة الطريق فسمّي الدين طريقا ؛ لأنه يؤدي إلى الجنة أي فهو طريق إليها.