وجواب الشرط (فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني عنهم.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال الحسن البصري : والله لا يصيبها أحد حتّى يكظم غيظا ويصبر على مكروه.
قال عبد الله بن مسعود : وبعضهم يرفعه همزه الموتة. والموتة : ضرب من الجنون. وجمعت همزة وهي ساكنة على همزات فرقا بين الاسم والنعت.
وقد يكون القول في النفس قال جلّ وعزّ : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ) [المجادلة : ٨] فأمّا قوله : (ارْجِعُونِ) وهو يخاطب ربّه جلّ وعزّ ولم يقل : ارجعني ففيه قولان للنّحويّين : أحدهما أنّ العرب تتعارف أن الجبار إذا أخبر عن نفسه قال :
لنفعلنّ ولنرجعنّ فإذا خوطب كانت مخاطبته مخاطبة الجميع فيقال له : برّونا وأرجعونا فجاءت هذه الآية بهذا ، والقول الآخر : إن معنى ارجعون على جهة التكرير ارجعن ارجعن ارجعن ، وهكذا قال المازني في قوله جلّ وعزّ : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) [ق : ٢٤] قال معناه ألق ألق.
(وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) البرزخ في اللغة كل حاجز بين شيئين فالبرزخ بين الدنيا والآخرة كما روي أن رجلا قال بحضرة الشعبي : رحم الله فلانا قد صار من أهل الآخرة قال : لم يصر من أهل الآخرة ولكن صار من أهل البرزخ ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة. وأضفت يوما إلى يبعثون لأنه ظرف زمان ، والمراد بالإضافة المصدر ، وقال أبو إسحاق : حقيقته الحكاية.
في معناه قولان : أحدهما قول ابن عباس : أنهم في وقت لا يتساءلون. ويوم في اللغة بمعنى وقت معروف. والقول الآخر أبين من هذا : يكون معنى (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) أنّهم لا يتفاخرون بالأنساب يوم القيامة ، ولا يتساءلون بها كما كانوا في الدنيا يفعلون.