قال : سمعت خالد بن عرعرة يقول : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : «الخنّس» النجوم تخنس بالنهار وتكنس بالليل. فظاهر هذا القول عام لجميع النجوم ، وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة وبكر بن عبد الله المزني وعبد الرّحمن بن زيد. وروى عكرمة عن ابن عباس قال : الخنّس الظباء ، وهو قول سعيد بن جبير والضحاك وقال جابر بن زيد وإبراهيم النخعي : الخنس بقر الوحش. قال أبو جعفر : إذا كان التقدير : فأقسم بربّ الخنس ، فالمعنى واحد إلا أن القول الأول أجلها وأعرفها ، وإنما يقال لبقر الوحش والظباء خنّس الواحد أخنس وخنساء كما قال :] الكامل]
٥٤٤ ـ خنساء ضيّعت الغرير فلم ترم |
|
عرض الشّقائق طرفها ويغامها (١) |
وواحد الخنس خانس والجمع خنس وخناس.
(الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦)
«الجواري» في موضع خفض حذفت الكسرة من الياء لثقلها فإن كان بغير ألف ولام حذفت الياء لسكونها وسكون التنوين إذ كان جمع جارية وكذا إن سمّيت به على قول الخليل وسيبويه (٢) ، وأما الكوفيون ويونس فيقولون إذا سمّيت رجلا بجوار لم تصرفها في النصب والخفض فقلت : رأيت بواري ومررت بجواري ، وقيل في الرفع هؤلاء جواري بإسكان الياء. قال الخليل : هذا خطأ لأنه كان يجب أن يقال على هذا : هذا جواري فأعلم بضم الياء ، قال : ولا يكون أثقل من فواعل إذا سميت به. قال سيبويه (٣) : سألت الخليل عن امرأة تسمى بقاض فقال : هي مجراة في الرفع والخفض ، تقول : مررت بقاض وهذه قاض. قال أبو جعفر : وقول يونس والكوفيين : مررت بقاضي وهذا قاضي فاعلم (الْكُنَّسِ) جمع كانس ويقال : كنّاس.
(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) (١٨)
(وَاللَّيْلِ) عطف على «الخنس» ، وليست الواو واو قسم (إِذا عَسْعَسَ) قال الفرّاء : أجمع المفسرون على أنه إذا أقبل ، وهذا غلط. روى مجاهد عن ابن عباس «إذا عسعس» إذا أدبر. قال الضحّاك (إِذا تَنَفَّسَ) إذا أضاء وأقبل.
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١٩)
جواب القسم ، وأجاز الكسائي «أنه» بالفتح أي أقسم أنه وتابعه على ذلك محمد بن يزيد النحويّ.
__________________
(١) الشاهد للبيد في ديوانه ٣٠٨ ، ولسان العرب (بغم) ، وتاج العروس (خنس) و (شفق) و (بغم) ومقاييس اللغة ٣ / ١٧٢ ، والمخصّص ٨ / ٤١ ، وبلا نسبة في كتاب العين ٤ / ١٩٩.
(٢) انظر الكتاب ٣ / ٣٤٤.
(٣) انظر الكتاب ٣ / ٣٤٤.