والدليل على صحته أن الإنسان إذا ضيع ما أمر به وأخره كان ذلك مما قدم من الشرّ لا مما أخّره.
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦)
(ما) في موضع رفع بالابتداء ، وهو اسم تام والكاف في موضع نصب بغرّ.
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (٧)
قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة وأهل الشام ، وقرأ الكوفيون (فَعَدَلَكَ) (١) مخففا ، واستبعدها الفرّاء وإن كانت قراءة أصحابه ؛ لأنه إنما يقال : عدلته إلى كذا وصرفته إليه ، ولا يكاد يقال : عدّلته في كذا ولا صرّفته. قال أبو جعفر فيه : وهذا غلط لأن الكلام تام عند «فعدلك» و «في» متعلقة بركّبك لا بعدلك فيكون كما قال. ومعنى عدلك في اللغة خلقك معتدلا لا يزيد رجل على رجل ، وكذا سائر خلقك. وقد يكون عدّلك تكثير عدلك فيكونان بمعنى واحد كما قال ابن الزبعرى :] الرمل]
٥٤٥ ـ وعدلنا مثل بدر فاعتدل (٢)
أي قتلنا منهم مثل من قتلوا منا ، وقد قيل : عدلك أمالك إلى ما شاء من حسن وقبيح وقبح وصحة وسقم.
(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٨)
(ما) زائدة قال مجاهد : في صورة أب أو أمّ أو عمّ أو خال.
(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) (١٠)
(كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) (٩) وحكى الفرّاء (٣) عن بعض أهل المدينة «بل يكذبون» وردّها ؛ لأن بعدها (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) (١٠) قال أبو جعفر : ولا أعرف ما حكاه عن بعض أهل المدينة ، ولا أعلم أحدا رواه غيره.
(كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) (١٢)
(كِراماً كاتِبِينَ) (١١) نعت لحافظين وكذا (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) (١٢).
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (١٣)
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٧٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٢٨.
(٢) الشاهد عجز بيت لعبد الله بن الزبعرى في ديوانه ٩٣ ، وبلا نسبة في لسان العرب (عدل) ، وتهذيب اللغة ٢ / ٢١١ ، وتاج العروس (عدل). وصدره :
«ليت أشياخي ببدر شهدوا»
(٣) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٤٤.