الأخدود النار ذات الوقود ، بالرفع كما قرأه أبو عبد الرّحمن السلمي (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ)] الأنعام : ١٣٧] . قال أبو جعفر : وهذا باب من النحو دقيق قد ذكره سيبويه وذلك أنه يجوز : ضرب زيد عمرو لأنك إذا قلت : ضرب زيد ، دل على أنه له ضاربا ، والتقدير ضربه عمرو ، وكذا (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) قتلتهم النار ، وأنشد سيبويه :] الطويل]
٥٥٤ ـ ليبك يزيد ضارع لخصومة |
|
وأشعث ممّن طوّحته الطّوائح (١) |
أي يبكيه ضارع. قال الأخفش : الوقود بالفتح الحطب ، والوقود بالضم الفعل : يريد المصدر أي الإيقاد.
(إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦)
قال قتادة : المؤمنون ، وهذا على أحد التّأويلين.
(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) (٧)
أي ليس هم بغيب.
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٨)
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) ويقال : نقموا أي وما وجدوا عليهم في شيء إلا في إيمانهم بالله العزيز الحميد بانتقامه (الْحَمِيدِ) أي المحمود عند عباده بأفعاله الجميلة.
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٩)
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) نعت فيه معنى المدح في موضع خفض ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على المدح ، ورفع على إضمار مبتدأ. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي قد شهد على فعلهم وفعل غيرهم وعلمه ليجازيهم عليه.
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) (١٠)
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) قال قتادة : أحرقوهم (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) أي من فعلهم ذلك (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) قال محمد بن إسحاق احترقوا في الدنيا ، وكذا قال أبو العالية ولهم عذاب جهنم في الآخرة.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي أمروا بتوحيد الله سبحانه. (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) انتهوا إلى أمر الله ونهيه. (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وهي أنهار الماء وأنهار الخمر واللبن والعسل (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) أي الظفر بما طلبوا.
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (١٣٢).