من يقول : «مأزورات» فإن صح نقله فهو اتباع.
(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣)
أهل التفسير يقولون : أثقله فإن قال قائل : كيف وصف هذا الوزر بالثقل وهو مغفور غير مطالب به؟ فالجواب أن سبيل الأنبياء صلوات الله عليهم والصالحين إذا ذكروا ذنوبهم أن يشتدّ غمّهم وبكاؤهم ، فلهذا وصف ذنوبهم بالثقل. قال أبو جعفر : وهذا الجواب عن سؤال السائل : لم يغتمّ الصالحون إذا ذكروا ذنوبهم التي قد تابوا منها وقد علموا أن المغفرة بعد التوبة واجبة؟ وفي هذا جواب آخر وهو أنهم يخافون أن يكونوا قد بقي عليهم شيء يلزمهم من تمام التوبة.
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٤)
بيان هذا في الحديث المسند عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : قال لي جبرائيلصلىاللهعليهوسلم : «إن ربّي وربّك عزوجل يقول لك كيف رفعت ذكرك؟ قال قلت الله أعلم ، قال إذا ذكرت معي» (١).
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٦)
وقرأ عيسى بن عمر بضمّ السين فيهما. قيل : المعنى أن نعم الله تعالى ، وهي اليسر أكثر من الشدائد ، وهي العسر ، وقيل : خوطب النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه سيظفر فذلك الظفر ، وهو اليسر بالمشركين الذين لحقت منهم الشدة.
(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) (٧)
قال أبو جعفر : وقد ذكرنا ما قيل في التكرير وما قيل في معنى (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) (٧) (٢) ومن أحسن ما قيل فيه ، وهو جامع لجميع الأقوال ، أنه ينبغي إذا فرغ الإنسان من شغله أن ينتصب لله جلّ وعزّ وأن يرغب إليه وأن لا يشتغل بما يلهيه عن ذكر الله سبحانه فهذا أدب الله عزوجل. وقد قال عبد الله بن مسعود : ما يعجبني الإنسان أراه فارغا لا يشتغل بأمر الدنيا ، ولا بأمر الآخرة.
__________________
(١) انظر تفسير القرطبي ٢ / ١٠٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٨٤ (قرأ الجمهور بفتح الراء ، وأبو السمال بكسرها).