وزعم الأصمعي أن ذا الرمة أخطأ في هذا. قال أبو جعفر : تأول الأصمعي «ما تنفكّ» ما تزال ، والصواب ما قال المازني قال : أخطأ الأصمعيّ وما تنفكّ كلام تامّ ثم قال : إلّا مناخة على الاستثناء المنقطع (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ).
(رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) (٢)
(رَسُولٌ مِنَ اللهِ) على البدل ، ويجوز أن يكون بمعنى هي رسول من الله. قال الأخفش سعيد : وفي حرف أبيّ «رسولا من الله» (١) على الحال. قال الضحاك : الرسول محمدصلىاللهعليهوسلم (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) قال : القرآن.
(فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (٣)
قال ابن زيد : مستقيمة معتدلة.
(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (٤)
يدلّ على أن الجواب الثاني في منفكين.
(وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٥)
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) من القراء من يقول : هذه لام أن أي إلّا أن يعبدوا الله وأصل هذا للفراء. فأما البصريون فهي عندهم لام كي أي أمروا بهذا كي يعبدوا الله مخلصين له الدين (حُنَفاءَ) على الحال. قال قتادة : الحنفيّة الختان وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمّات والمناسك. قال الضحاك : الحجّ. قال أبو جعفر : أصل هذا أن الحنف الميل : فقيل : حنيف للمائل إلى الإسلام ميلا لا خلل فيه ولا رجوع (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) وهذا دليل قاطع على أن الإسلام قول وعمل. قال جل وعز : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)] آل عمران : ١٩] ويبيّن أن إقام الصّلاة وإيتاء الزكاة دين القيّمة. قال الفراء (٢) : وفي حرف ابن مسعود «الدين القيّمة» وزعم أنه إضافة الشيء إلى نفسه ، وذلك محال عند البصريين لأنك إنما تضيف الشيء إلى ما تبيّنه به فتضمه إليه فمحال أن تبيّنه بنفسه أو تضمه إلى نفسه فالتقدير عندهم دين الجماعة القيمة ، وقيل : دين الملّة القيمة ، ولهذا وقع التأنيث.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٧)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٩٥ ، ومعاني الفراء ٣ / ٢٨٢.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٨٢.