أوتوا الكتاب (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) عطف على الأول ، وكذا (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) ثم أعيدت اللّام ، ولو لم يؤت بها لجاز في (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) «ما» في موضع نصب بأراد ، وهي وذا بمنزلة شيء واحد فإن جعلت «ذا» بمعنى الذي فما في موضع رفع بالابتداء وذا خبره وما بعده صلة له (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر. (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) رفع بيعلم ، ولا يجوز النصب على الاستثناء ، وكذا (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) قال مجاهد : أي وما النار إلا ذكرى للبشر ، وذكر محمد بن جرير أن التمام (لَّا) على أن المعنى ليس القول على ما قال المشرك لأصحابه المشركين أنا أكفيكم أمر خزنة النار (وَالْقَمَرِ) قسم أي وربّ القمر.
(وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣) (١)
قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وأبي جعفر وشيبة وابن كثير وأبي عمرو وعاصم ، وقرأ الحسن وابن محيصن وحمزة ونافع (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ). قال أبو جعفر : الصحيح أن دبر وأدبر بمعنى واحد. على هذا كلام أهل التفسير وأكثر أهل اللغة. و «إذا» للمستقبل و «إذ» للماضي. وأما قول أبي عبيد أنه يختار «إذا دبر» لأن بعده (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) لأن الله تعالى يقسم بما شاء ولا يتحكّم في ذلك بأن يكونا جميعا مستقبلين أو ماضيين.
(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) (٣٥)
أن إن النار لإحدى الأمور العظام قال أبو رزين : «إنها» أي إن جهنّم و (الْكُبَرِ) بالألف واللام لا يجوز حذفهما عند أحد من النحويين ، ولم يجيء في كلام العرب شيء من هذا بغير الألف واللام إلّا أخر ، ولذلك منعت من الصرف.
(نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣٦)
قال الحسن : ليس نذير أدهى من النار أو معنى هذا. قال أبو رزين : يقول الله تعالى أنا نذير للبشر ، وقال ابن زيد : محمد صلىاللهعليهوسلم نذير للبشر. قال أبو جعفر : فهذه أقوال أهل التأويل وقد يستخرج الأقراب منها. وفي نصب نذير سبعة أقوال : يكون حالا من المضمر في «أنا» ، ويجوز أن يكون حالا من إحدى الكبر. وهذان القولان مستخرجان من قول الحسن لأنه جعل النار هي المنذرة ، ويجوز أن يكون التقدير : وما يعلم جنود ربّك إلا هو نذيرا للبشر ، ويجوز أن يكون التقدير : صيّرها الله جلّ وعزّ
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٧٦ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٦٥٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٦٩.