قال أبو جعفر : الذي ذكرناه من تفسير الأعمش أن معناه لا تضارّون يوجب أن تكون روايته لا تضارّون والأصل لا تضارون ثم أدغمت الراء في الراء ، ومن قال معناه لا تضارّون فالأصل عنده لا تضارون ثم أدغم ، وهذا كله من ضارّه إذا خالفه كما حكاه أبو إسحاق وخالفه وما رآه واحد. ويقال : نضر وجهه نضرا ونضارة ونضرة ونضره الله ينضره وأنضره ينضره من الإشراق والنعمة وحسن العيش والغنى.
(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤)
مبتدأ وخبره.
(تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٢٥)
ولا يجوز رفع يفعل وجاز في (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ)] المائدة : ٧١] لأن «لا» عوض ، والفاقرة الداهية والأمر العظيم.
(كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ) (٢٧)
(كَلَّا) تكون بمعنى حقا ، وتكون مبتدأ على هذا هاهنا. وزعم محمد بن جرير (١) أن التمام هنا «كلا» وأن المعنى ليس الأمر كما يقول المشركون من أنهم لا يجازون على شركهم ومعصيتهم (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) يكون العامل في إذا «باسرة» أو «بلغت» فإذا كان العامل فيها «بلغت» كان الجواب فيما بعد وحذفت الياء من (مَنْ راقٍ) (٢) لسكونها وسكون التنوين وأثبتت في التراقي ؛ لأنه لا تنوين فيه.
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠)
في موضع جواب إذا.
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣٢)
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى لا) هاهنا نفي ، وليست بعاطفة ، ولا يجوز عند النحويين : ضربت زيدا لا ضربت عمرا ، والعلّة في ذلك أنه كره أن يشبه الثاني الدعاء. وفي الآية المعنى لم يصدّق ولم يصلّ يدل على هذا (وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى).
(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣)
أي ذهب معرضا عن طاعة الله جلّ وعزّ متهاونا بالموعظة و (يَتَمَطَّى) في موضع نصب على الحال.
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٢٩ / ١٦٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٣٨١.