(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) (٣٦)
أنّث الجحيم لمعنى النار ، وهو نعت لها هاهنا.
(فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (٣٩)
(مَنْ) في موضع رفع بالابتداء وخبره (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (٣٩) والتقدير عند الكوفيين فهي مأواه ، والألف بدل من الضمير والتقدير عند البصريين هي المأوى له.
(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) (٤٠)
(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) أي مقام الحساب على معاصيه. (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) وهو الميل إلى ما لا يحسن.
(فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (٤١) كالذي تقدّم.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (٤٢)
قال الفراء (١) : يقال إنما الإرساء للسفينة والجبال وما أشبههن فكيف وصفت الساعة بالإرساء؟ فالجواب أنها كالسفينة إذا جرت ثم رست ورسوها قيامها وليس كقيام القائم على رجله ونحوه ولكن كما تقول : قام العدل ، وقام الحقّ أي ظهر وثبت.
(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) (٤٣) أي ليس إليك ذكرها لأنك لم تعرف وقتها. والأصل «في ما» حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر فإنّ قبل ما حرفا خافضا ، والوقوف عليه فيمه لا يجوز غيره لئلا تذهب الألف وحركة الميم ، والصواب أن لا يوقف عليه لئلا يخالف السواد في زيادة الهاء أو يلحن إن وقف عليه بغير الهاء.
(إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) (٤٤)
في موضع رفع بالابتداء أي منتهى علمها.
(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) (٤٥)
وقرأ أبو جعفر وابن محيصن وطلحة (مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) (٢) بالتنوين وهو الأصل وإنما يحذف تخفيفا.
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) (٤٦)
أي زال عنهم ما كانوا فيه فلم يفكروا في ما مضى وقلّ عندهم ، وكان في هذا معنى التنبيه لمن اغتر بالدنيا وسلامته فيها في أنه سيتركها عن قليل ويذهب عنه ما كان يجد فيها من اللّذة والسرور فكأنه لم يلبث فيها إلا عشيّة أو ضحاها.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٣٤.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٤١٦.