أفبعد هذا يبقى دليل على قول الجهلة الذين يدعون بأن الشيعة اتبعوا علي بن أبي طالب ، أما أهل السنة فإنهم اتبعوا رسول الله؟ أيريد هؤلاء أن يثبتوا بأن علياً خالف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وابتدع ديناً جديداً؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، فعلي هو محض السنة النبوية وهو مفسرها والقائم عليها وقد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«علي مني بمنزلتي من ربي» (١).
أي كما أن محمد هو الوحيد الذي يبلغ عن ربه ، فعلي هو الوحيد الذي يبلغ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكن ذنب علي هو أنه لم يعترف بخلافة من قبله وذنب شيعته أنهم اتبعوه في ذلك فرفضوا أن ينضووا تحت خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ولذلك سموهم «الروافض».
فإذا أنكر هؤلاء السنة على معتقدات الشيعة وأقوالهم فهو لسببين ، أولهما العداء الذي أجج ناره حكام بني أمية بالأكاذيب والدعايات واختلاف الروايات المزوّرة.
وثانيهما : لأن معتقدات الشيعة تتنافى وما ذهبوا إليه من تأييد الخلفاء وتصحيح أخطائهم واجتهاداتهم مقابل النصوص خصوصاً حكام بني أمية وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان.
ومن هنا يجد الباحث المتتبع أن الخلاف بين الشيعة وأهل السنة نشأ يوم السقيفة ، وتفاقم ، وكل خلاف جاء بعده فهو عيال عليه ، وأكبر دليل على ذلك أن العقائد التي يشنع أهل السنة على إخوانهم من الشيعة ، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوع الخلافة وتتفرع منه ، كعدد الأئمة والنص على الإمام ، والعصمة ، وعلم الأئمة ، والبداء ، والتقية والمهدي المنتظر وغير ذلك.
__________________
(١) الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٠٦ ذخائر العقبى ص ٦٤.
الرياض النضرة ج ٢ ص ٢١٥ إحقاق الحق ج ٧ ص ٢١٧.