«أحلب حلبا لك شطره واشدد له اليوم يردده عليك غداً» (١).
أقول إذا كان أبو بكر لا يؤمن بالشورى ، فكيف نصدق بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك الأمر بدون استخلاف وهل أنه لم يكن يعلم ما علمه أبو بكر وعائشة وعبد الله بن عمر ، وما يعلمه كل الناس بالبداهة ، من إختلاف الآراء وتشتت الأهواء عند ما يوكل إليهم أمر الاختيار وبالخصوص إذا كان الأمر يتعلق بالرئاسة واعتلاء منصة الخلافة ، كما وقع ذلك بالفعل حتى في اختيار أبي بكر يوم السقيفة ، إذ أننا رأينا خلاف سيد الأنصار سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد ، وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام (٢) والعباس بن عبد المطلب وسائر بني هاشم وبعض الصحابة الذين كانوا يرون الخلافة حقاً لعلي (عليهالسلام) وتخلفوا في داره عن البيعة حتى هددوه بالحرق (٣).
في مقابل ذلك نرى الشيعة الإمامية يثبتون عكس مقالة أهل السنة ويؤكدون بأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عيّن علياً للخلافة ونص عليه في عدة مناسبات وأشهرها في غدير خم.
وإذا كان الإنصاف يقتضي منك أن تستمع إلى خصمك ليدلي برأيه وحجته في قضية وقع الخلاف فيها معك ، فكيف إذا احتج خصمك بما تشهد أنت نفسك بوقوعه» (٤).
وليس دليل الشيعة دليلاً واهياً أو ضعيفاً حتى يمكن التغاضي عنه وتناسيه بسهولة وإنما الأمر يتعلق بآيات من الذكر الحكيم أنزلت في هذا الشأن وأولاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العناية والأهمية ما سارت به الركبان
__________________
(١) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٨.
(٢) صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٦ باب رجم الحبلى من الزنا.
(٣) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج ١ ص ١٨ وما بعدها.
(٤) وذلك أنه ليس هناك دليل عند الشيعة إلا وفي كتب السنة مصداقه.