أحد (١).
أولاً ـ نلاحظ من خلال هذه الروايات أن المسلمين كانوا يجهلون تاريخ ذلك اليوم المشهود ، ولا يحتفلون به مما دعا اليهود مرة والنصارى أخرى أن يقولوا لهم : لو أن هذه الآية فينا نزلت لاتخذنا يومها عيداً مما حدا بعمر بن الخطاب أن يسأل أية آية؟ ولما قالوا : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قال : إني لأعلم أي مكان أنزلت ، أنزلت ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واقف بعرفة.
فإننا نشم رائحة الدس والتعتيم من خلال هذه الرواية وأن الذين وضعوا هذا الحديث على لسان عمر بن الخطاب في زمن البخاري أرادوا أن يوفّقوا بين آراء اليهود والنصارى في أن ذلك اليوم هو يوم عظيم يجب أن يكون عيداً وبين ما هم عليه من عدم الاحتفال بذلك اليوم وعدم ذكره بالمرة حتى تناسوه ، والمفروض أن يكون من أكبر الأعياد لدى المسلمين إذ أن الله سبحانه أكمل لهم فيه دينهم وأتم فيه نعمته عليهم ورضي لهم الإسلام ديناً.
ولذلك ترى في الرواية الثانية قول الراوي عند ما قال له النصراني : يا أهل الإسلام ، لقد أنزلت عليكم آية لو أنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ما بقي منا اثنان.
قال الراوي فلم يجبه أحد منا ؛ وذلك لجهلهم بتاريخ وموقف ذلك اليوم وعظمته ، ويبدو أن الراوي نفسه استغرب كيف يغفل المسلمون عن الاحتفال بمثل ذلك اليوم ولهذا نراه يلقي محمد بن كعب القرظي فيسأله عن ذلك فيرد هذا الأخير بأن عمر بن الخطاب روي أنها أنزلت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو واقف على الجبل يوم عرفة.
فلو كان ذلك اليوم معروفاً لدى المسلمين على أنه يوم عيد لما جهله هؤلاء الرواة سواء أكانوا من الصحابة أم من التابعين ، لأن الثابت المعروف لديهم أن
__________________
(١) جلال الدين السيوطي الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج ٣ ص ١٨.