بالأبصار نعمة منه ، ولطفا بالأبرار في دار القرار ، وإتمام للنعم بالنظر إلى وجهه الكريم.
الحياة والقدرة : وأنه تعالى حي قادر ، جبار قاهر لا يعتريه قصور ولا عجز ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، ولا يعارضه فناء ولا موت ، وأنه ذو الملك والملكوت والعزة والجبروت ، له السلطان والقهر والخلق والأمر ، والسماوات مطويات بيمينه والخلائق مقهورون في قبضته ، وأنه المنفرد بالخلق والاختراع المتوحد بالإيجاد والإبداع ، خلق الخلق وأعمالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم لا يشذ عن قبضته مقدور. ولا يعزب عن قدرته تصاريف الأمور لا تحصى مقدوراته ولا تتناهى معلوماته.
العلم : وأنه عالم بجميع المعلومات محيط علمه بما يجري في تخوم الأرضين إلى أعلى السماوات ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويدرك حركة الذر في جو الهواء ، ويعلم السر وأخفى ويطلع على هواجس الضمائر ، وحركات الخواطر ، وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفا به في أزل الآزال ، لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال.
الإرادة : وأنه تعالى مريد للكائنات مدبر للحادثات فلا يجري في الملك والملكوت قليل أو كثير ، صغير أو كبير ، خير أو شر ، نفع أو ضر ، إيمان أو كفر ، عرفان أو نكر ، فوز أو خسران ، زيادة أو نقصان طاعة أو عصيان إلا بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر ولا فلتة خاطر ، بل هو المبدئ المعيد الفعال لما يريد ، لا رادّ لحكمه ولا معقب لقضائه ، ولا مهرب لعبد من معصيته إلا بتوفيقه ورحمته. ولا قوة له على طاعته إلا بمشيئته وإرادته ، فلو اجتمع الإنس والجن والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إرادته ومشيئته لعجزوا عن ذلك وأن إرادته قائمة بذاته في جملة صفاته ، لم يزل كذلك موصوفا بها مريدا في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها التي قدرها فوجدت في أوقاتها كما في أزله من غير تقدم ولا تأخر ، بل وقعت على وفق علمه وإرادته من غير تبدل ولا تغير ، دبر الأمور لا بترتيب أفكار ولا تربص زمان فلذلك لم يشغله شأن عن شأن.
السمع والبصر : وأنه تعالى سميع بصير يسمع ويرى ، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفي ، ولا يغيب عن بصره مرئي وإن دق ، ولا يحجب سمعه بعد ، ولا يدفع رؤيته ظلام. يرى من غير حدقة وأجفان ، ويسمع من غير أصمخة وآذان ، كما يعلم بغير قلب ، ويبطش بغير جارحة ، ويخلق بغير آلة إذ لا تشبه صفاته صفات الخلق ، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق.
الكلام : وأنه تعالى متكلم آمر ناه واعد متوعد بكلام أزلي قديم قائم بذاته لا يشبه كلام الخلق ، فليس بصوت يحدث من انسلال هواء أو اصطكاك أجرام ، ولا بحرف ينقطع بإطباق شفة أو تحريك لسان ، وأن القرآن والتوراة والإنجيل والزبور كتبه المنزلة على رسله عليهمالسلام ، وأن القرآن مقروء بالألسنة مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب ، وأنه مع ذلك