في أصل من أصول الإيمان ، وإن توسمنا فيه بالفراسة مخائل الرشد والقبول إن جاوزنا به من الكلام الظاهر إلى توفيق في الأدلة عالجناه بما قدرنا عليه من ذلك ، وداوينا بالجدال المر والبرهان الحلو ، وبالجملة فنجتهد أن نجادله بالأحسن كما أمر الله تعالى ورخصتنا في القدر من المداواة لا تدل على فتح باب الكلام مع الكافة ، فإن الأدوية تستعمل في حق المرضى وهم الأقلون ، وما يعالج به المريض بحكم الضرورة يجب أن يوقى عنه الصحيح ، والفطرة الصحيحة الأصلية معدة لقبول الإيمان دون المجادلة وتحرير حقائق الأدلة ، وليس الضرر في استعمال الدواء مع الأصحاء بأقل من الضرر في إهمال المداواة مع المرضى ، فليوضع كل شيء موضعه كما أمر الله تعالى به نبيه حيث قال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل : ١٢٥]. والمدعو بالحكمة إلى الحق قوم ، وبالموعظة الحسنة قوم آخرون ، وبالمجادلة الحسنة قوم آخرون على ما فصلنا أقسامهم في كتاب القسطاس المستقيم فلا نطول بإعادته.