الأولى العقل : فلا خير في صحبة الأحمق ، فإلى الوحشة والقطيعة يرجع آخرها ، وأحسن أحواله أن يضرك وهو يريد أن ينفعك ، والعدو العاقل خير من الصديق الأحمق ؛ قال علي رضي الله عنه :
فلا تصحب أخا الجهل |
|
وإيّاك وإيّاه |
فكم من جاهل أردى |
|
حليما حين واخاه |
يقاس المرء بالمرء |
|
إذا ما المرء ماشاه |
كحذو النّعل بالنّعل |
|
إذا ما النّعل حاذاه |
وللشّيء من الشّيء |
|
مقاييس وأشباه |
وللقلب على القلب |
|
دليل حين يلقاه |
الثانية حسن الخلق : فلا تصحب من ساء خلقه ، وهو الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة ؛ وقد جمعه علقمة العطاردي رحمهالله تعالى في وصيته لابنه لما حضرته الوفاة فقال : يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك ، وإن صحبته زانك ، وإن قعدت بك مؤونة مانك. اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن رأى منك سيئة سدها. اصحب من إذا قلت صدّق قولك ، وإذا حاولت أمرا أعانك ونصرك ، وإن تنازعتما في شيء آثرك. وقال علي رضي الله عنه رجزا :
إنّ أخاك من كان معك |
|
ومن يضرّ نفسه لينفعك |
ومن إذا ريب الزّمان صدعك |
|
شتّت فيك شمله ليجمعك |
الثالثة الصلاح : فلا تصحب فاسقا مصرّا على معصية كبيرة ، لأن من يخاف الله لا يصرّ على معصية كبيرة ، ومن لا يخاف الله لا تؤمن غوائله ، بل يتغير بتغير الأحوال والأعراض ؛ قال الله تعالى لنبيهصلىاللهعليهوسلم : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف : ٢٨] فاحذر صحبة الفاسق ، فإن مشاهدة الفسق والمعصية على الدوام تزيل عن قلبك كراهية المعصية ويهون عليك أمرها ؛ ولذلك هان على القلوب معصية الغيبة ، لا لفهم لها ، ولو رأوا خاتما من ذهب أو ملبوسا من حرير على فقيه لاشتد إنكارهم عليه ، والغيبة أشد من ذلك.
الرابعة أن لا يكون حريصا على الدنيا : فصحبة الحريص على الدنيا سم قاتل ؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري ، فمجالسة الحريص تزيد في حرصك ، ومجالسة الزاهد تزيد في زهدك.
الخامسة الصدق : فلا تصحب كذابا فإنك منه على غرور ، فإنه مثل السراب يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب.
ولعلك تعدم اجتماع هذه الخصال في سكان المدارس والمساجد ، فعليك بأحد أمرين : إما العزلة والانفراد ففيها سلامتك ، وإما أن تكون مخالطتك مع شركائك بقدر خصالهم ، بأن تعلم