يراهم الحقّ يباهي بهم |
|
بهم عن الخلق يزول العذاب |
عليهم منّي سلام سما |
|
ما لمع البرق أو أهلّ السّحاب |
أحمده حمدا أستوجب به الثواب ، وأشكره شكرا تزيد به زيادات أولي الألباب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تنزهه عن الحلول والانحياز ، والظهور ، والبطون ، والابتداء والانتهاء ، والاشتهار والاحتجاب ؛ وتقدست ذاته المقدسة عن مقالات أولي الجهالات من الكم والكيف والأين والمكان والزمان والإياب والذهاب ، وأمجده بما أبرزه بحكمته من الأكوان عن التفكر والتدبر والمعاونة والمشاورة والراحة والنصب والانتصاب ، وأعظمه عن التشبيه والتمثيل والتعديل والتحويل والتبديل والتركيب والارتكاب. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف محبوب ، وأعظم الأشراف ، وأخص الأحباب ؛ أرسله بفضل الكتاب وفصل الخطاب ، وأيده بأفضل كتاب وأجمل خطاب ؛ أفصح الأعراب بالإعراب والاختصار والإسهاب ، واعجز بلغاء الأحزاب ببدائع النفي والإيجاب ، فأنقذ الأحباب من مهاوي الارتياب ومغاوي الأعراب ، بالعقاب على الأعقاب ، وكشف عن وجه نور الإسلام مكفرات ظلمات الإشراك والضباب ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والأحباب ، وعلى الخلفاء الراشدين الأقطاب : أبي بكر وأبي حفص وأبي عمرو وأبي تراب ، صلاة تحلنا دار النعيم وتخرجنا عن دار العذاب.
أما بعد : نفحنا الله وإياك بنسائم قربه ، وسقانا وإياك من كاسات حبه ؛ فإن بيان كيفية طريقنا ، وبرهان أهل تحقيقنا ، مبني على عشرة قواعد توقظ النائم وتقيم القاعد :
القاعدة الأولى
النية الصادقة الواقعة من غير التواء ، لقوله عليه الصلاة والسلام : «وإنّما لكلّ امرئ ما نوى».
والمراد بالنية عزم القلب ، وبالصادقة إنهاؤها للفعل والترك للرب ، وبالواقعة استمرارها على هذه الخلة الأثيرة ؛ لأن التكرار تأثيرا ليس لغيره ، وعلامتها عدم تغيير جزمه بأعراض فانية وباقية في عزمه ، فإن العمل للحق ولا بد من الحق فلا يترك ما عزم عليه للخلق.
القاعدة الثانية
العمل لله من غير شريك ولا اشتراك لقوله عليهالسلام : «اعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» وعلامته أن لا يرضى بغير الحق ، ويرى ما سواه قاطعا ، فيجتنب الخلق لقول النبي المختار : " تعس عبد الدينار".
وليترك لله سبحانه وتعالى جميع أمانيه ، لقوله عليهالسلام : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وآكدها الشبهات فاحذرها أن تصيبك ، لقوله عليهالسلام : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
فإذا صحت هذه الأصول الثلاثة أثمرت أغصانها لك القربى ، فتكون بالصورة في الدنيا وبالمعنى في العقبى ، وعلى قدر همك وثباتك على الفعل والترك تحظى من الحديث