المشهور : «كن في الدّنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل وعدّ نفسك من أصحاب القبور».
وعلامة القناعة الاكتفاء بما يذهب الحر والبرد والمسغبة لقوله صلىاللهعليهوسلم : «حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه» فلا يميل إلى صاحب القمح صاحب الشعير ، وإلى النقرة صاحب النقير. والمستغني بالحلال لا يقصد المباح ، ولا يخفض إلى الشبهة الجناح. وعلامة الغريب الحمل الخفيف ، وعدم الائتلاف بالثقيل ، وترك السؤال فإنه يؤوي إلى ظل الدخيل. وعلامة عابر السبيل إسراع الإجابة ، ورضاه بما سبق إليه واستطابه. وعلامة الميت إيثار مهمات دينه والمسألة في غوالب حينه.
القاعدة الثالثة
موافقة الحق بالاتفاق والوفاق ومخالفة النفس بالصبر على الفراق والمشاق ، وترك الهوى ، وجفاء الملاذ والمكان والخلاف. ومن تعوده خرج عن الحجاب ودخل في الانكشاف ، فعاد نومه سهرا ، واختلاطه عزلة ، وشبعه جوعا ، وعزته ذلة ، ومكالمته صمتا ، وكثرته قلة.
القاعدة الرابعة
العمل بالاتباع لا الابتداع ، لئلا يكون صاحب هوى ، ولا يزهو برأيه زهوا ، فإنه لا يفلح من اتخذ لنفسه في فعله وليّا بقوله عليهالسلام : «عليكم بالسّمع والطّاعة ولو كان عبدا حبشيّا».
القاعدة الخامسة
الهمة العليا عن تسويف يفسدك ؛ فقد جاء : لا تترك عمل يومك للغد ؛ لأن بعض الأعمال من بعضها ، وإلا فمن رضي بالأدنى حرم الأعلى. والكامل المتبع هو السني لا المتشيع والمعتزل والمبتدع ، لقوله عليهالسلام : «يا أحبابي عليكم بالسّواد الأعظم» قالوا : يا رسول الله وما السواد الأعظم؟ قال : «ما أنا عليه وأصحابي».
القاعدة السادسة
العجز والذلة ؛ لا بمعنى الكسل في الطاعات وترك الاجتهاد ، بل عجزك عن كل فعل إلا بقدرة الحق الجواد ، وأن ترى الخلق بعين التوقير والاحترام ، فإن بعضهم وسائط بعض ، إجلالا لحضرة ذي الجلال والإكرام ؛ لأن سنة الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا ما أضافه إليه بنفي الوسائط ، وإن أراد جلال حضرته تعظيما أضافه لغيره رعاية للضوابط. فإذا علمت أن الكل بيد الله سبحانه وتعالى والمرجع إليه وتكبرت ، فقد تكبرت عليه إلا بأمر وصل إليك من لديه. فاجعل عجزك في جنبه ومسكنتك له بالاعتذار ، ولا تتصور قدرة لك فإنها منازعة في الاقتدار.