له : ما تقول في أرض ذات زوايا لا يقدر حفظها بحائط ولا قصب؟ قال : تذرع بالذراع والشبر. ويمتحن في علم الحساب كما يمتحن الكتاب ، والرسالة والأجوبة وكتب الدساتير ، فإن ولعت برسالة ابن عباد والصابي فلا بأس بأخذ الزبد. وليكن صاحب الإنشاء كثير الفضل والتوقف في الديوان في الزمان القصير وفي الزمان الطويل إلى النزول من الركوب ، ثم يحاسبهم على ما إليهم ، ويستوعب من كل القرباء ، ويسأل عن المظالم ، ولا يكن ملوما ولا ضجورا ، ولا صخابا ولا طياشا ولا لقابا ، وقالوا يجوز له لعب الشطرنج ولا يلعب بالزهر ، لأنه يخرق الحرمة بالقمار ، فقد ذكر أن أزدشير لما أخرج النرد قيل له : ما يستحق إلا قطع اليد ، قال : سأقطعها بتركه. كما قيل للحجاج بن يوسف وقد شكي إليه من أكل التراب : ألق عليه من همتك وعزيمتك! فلم يأكله بعدها أبدا.
واعلم أيها الملك أن علو الهمة مع الصبر حتى في الصفوف واختلافه في الثمن كل ذلك بالهمة والخدمة ، ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه :
بقدر الكدّ تكتسب المعالي |
|
ومن طلب العلا سهر الليالي |
تروم العزّ ثم تنام ليلا |
|
يخوض البحر من طلب اللآلي |
لنقل الصخر من قلل الجبال |
|
أحبّ إليّ من منن الرجال |
وقالوا للفتى في الكسب عار |
|
فقلت العار في ذلّ السؤال |
إذا عاش الفتى ستين عاما |
|
فنصف العمر تمحقه الليالي |
وربع العمر يمضي ليس يدرى |
|
أيقضي في يمين أو شمال |
وربع العمر أمراض وشيب |
|
وشغل بالتفكر والعيال |
فحب المرء طول العمر قبح |
|
وقسمته على هذا المثال |
فصل وهو المقالة العاشرة
اعلم أيها الملك إذا أردت معاندة الملك فاعتبر جيشك وخلصه من المواطاة والنفاق ، ثم زن مالك فإن قدرت على مشاركته فلا تبدده بالغي ، وقلل ذلك وافتح له أبوابا موجبة ، وإن خفته ولا طاقة لك به فمل إلى مصالحته فالزمان يدور كالكواكب ، وحبّب من قدرت من أصحابه ولو برشوة ، وفاسخهم وألق بينهم ، وكاتب بعضهم على بعض ، وإن خفت أحدا من دولتك فداهن وسلم وتواضع ، فربما تجد الأمل ، وإذا كشر الزمان فاصبر لعضه فلا بد أن يبتسم لك. وإن عزمت على حصار مكان فأوقع الخلاف في الحصن ، كتب سليمان إلى رستم : " أما بعد فإني لأخشى عليك من مخامرة الذين معك ، فربما يسلمونك لأعدائك" ثم كتب إلى كبار أصحاب رستم : " خافوا على أنفسكم ، وهذه خطة إليّ في اغتيالكم ، وقد زعم أنكم نافقتموه ، فإن سلم حصنه إلى شهرباز فلا تكون الدائرة إلا عليكم". فلما قام القتال بينهما فروا جميعا إلى شهرباز ، وكمن