فاضلا متنوعا فهؤلاء كفرة وهذا تصور لا ينفع.
الفرقة السابعة : أقوام مظهرون للإسلام مبطنون للتعطيل المحض فهؤلاء شرار الفرق خالدون في الدرك الأسفل من النار. والأمم كلها على خلاف هذه الطائفة وهي يسمع بها وقل ما ترى إلا آحادا يحملهم الاستخفاف على ذلك ، والأمم مطبقة على وجود الصانع وإن استعمل بعضهم معه الشركاء على اختلاف القول بالشرك من المعبودات من الأحجار والأحياء والكواكب. وقد سميت هذا الكتاب : " بمعراج السالكين" والله سبحانه يحملنا على الرأي الحق بعزته.
المعراج الأول
ليعلم أولا أن ابتداءنا بهذا المعراج وتقديمنا له على أمثاله له ثلاثة أغراض :
أحدها : استعمال الطوائف المذكورة له واقتصارهم عليه فنرقيهم عنه إلى سواه.
الثاني : أنه مقدمة لما نذكره من معرفة النفس وقواها وبيان العوالم وأنها على مضاهاتها.
الثالث : أن نبين فيه ألفاظا واصطلاحات تغني عن تكرار بيانها وتمييز عالم الغيب عن عالم الشهادة. والحد المميز لهما ، وما العالم الذي وقع الخلاف في حدوثه وقدمه. وكمية هذه المعارج سبعة.
اعلم أن حقيقة العروج الصعود علوا تقول : عرجت في السلم أعرج. والألفاظ لها وجهان من الدلالة ، فوجه في الدلالة على الأشياء الجسمانية كمفهوم السلم والعروج. والوجه الثاني : الدلالة على معاني الجسمانيات وأرواحها إما بطريق وضع اللغة وإما بالمجاز والاستعارة.
ولما كان السالك الباحث إلى معرفة بارئه تعالى طالبا للترقي عن ظلمات الجهل وأسفل السافلين من حضيض البهائم والجهلة ، وكانت البراهين والأدلة الموصلة إلى درجة العلوم شبه السلم الجسماني الموصل إلى العلو الجسماني ، وكانت مفردات البراهين ومقدمات القياس وأجزاؤه مادة له منها يتألف حاكت أضلاع السلم فإذا التسمية لا مشاحة فيها إذ هي مفيدة قال الله تعالى : (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ* تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) [المعارج ٢ ـ ٤]. ومن قام عنده البرهان على استحالة وجهه للبارئ تعالى يعرج إليه فيها طلب معنى عقليا ليحمل اللفظ عليه ، وقد ذم الله تعالى فرعون اعتقاد كون الأسباب والمعارج جسمانية في قوله تعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) [غافر : ٣٦]. وقال الله تعالى : (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) [غافر : ٣٧]. فالأدلة سلاليم الخلق إلى ربهم والذهول عنها هو المعبر عنه بالحجب. وقد ذكر الله تعالى ذلك في نعت الكافر ، فقال عزّ من قائل : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) [النور : ٤٠]. الآية فعبر عن الاعتقادات الفاسدة بالظلمات وعن ترادف الشكوك بترادف الموج ، وقال الرسولصلىاللهعليهوسلم : " إنّ لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره". وليس المراد بالحجب إلا الطرق الموصلة إليه.