ثلاث ، فمد يده رابعة فاحترق وهلك فخرج عفان وهو يقول : أهلك الشيطان أهلك الشيطان ، فناداه التنين : ادن أنت وجرب ، فهذا الخاتم لا يقع في يد أحد إلا في يد محمد صلىاللهعليهوسلم إذا بعث ، فقل له إن أهل الملأ الأعلى قد اختلفوا في فضلك وفضل الأنبياء قبلك ، فاختارك الله على الأنبياء ، ثم أمرني فنزعت خاتم سليمان فجئتك به ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعطاه عليّا فوضعه في إصبعه ، فحضر الطير والجان والناس يشاهدون ويشهدون ، ثم دخل الدمرياط الجني ، وحديثه طويل ، فلما كانوا في صلاة الظهر تصور جبرائيل عليهالسلام بصورة سائل طائف بين الصفوف ، فبينا هم في الركوع إذ وقف السائل من وراء علي عليهالسلام طالبا ، فأشار علي بيده فطار الخاتم إلى السائل ، فضجت الملائكة تعجبا ، فجاء جبرائيل مهنيا وهو يقول أنتم أهل بيت أنعم الله عليكم (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخبر النبي بذلك عليّا فقال علي عليهالسلام : ما نصنع بنعيم زائل ، وملك حائل ، ودنيا في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب؟ فإن اعترض المفتي وقال : كيف قاتل معاوية على الدنيا ، فالجواب أنه قاتل على حق هو له يصل به إلى حق ، وأما التحكيم فباطل غير صحيح ، لأن التحكيم إنما يكون على موجود ومحدود ومعروف ومعلوم غير مجهول ، هذا فقه وشرع ، ثم قولوا ما تريدون ، فمن أراد أن ينظر في كشف ما جرى فيطلع في كتاب صنفته وسميته" كتاب نسيم التسنيم" ، وفي قصص ذي القرنين كفاية ، وكتاب رياض النديم لابن أبي الدنيا ، وانظر في كتاب الأقاليم ، وانظر في كتاب المسالك والممالك ، وكتب الماوردي الموصلي.
ثم إذا أردت أن تعرف سعة الأفلاك بعضها على بعض ، فاعلم أن سعة الأرض قطع الكوكب في ليلة واحدة ، وأما الفلك الهوائي فقد يقطعه القمر في شهر ، فانظر الفرق في ليلة وشهر. ثم الفلك الناري يقطعه الشمس في سنة ، ثم فلك زحل وهو الأعلى يقطع فلكه في ست وثلاثين سنة ، ثم فوقه الكرسي والعرش الذي هو سقف الجنان الثمانية التي واحدة منهن بعرض السماوات والأرضين. وخذ دليلك من هذا المساق المذكور ، فما لهمتك ناقصة لا ترفعها إلى درج المعالي ، ولا تكسوها سهم السعادة ، بل أنت مشغول بعلف النفس وخدمتها ، فأنت كالذي عشق حمارة فاشتغل بها ، ففاته سير القافلة ، فظهر له قاطع الطريق. وهذه دار أحلام ، والأنبياء مفسرو المنام ، فعند الانتباه يتبين لك صحة التأويل. أما سمعت الإشارة : " والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا"؟ ومثلك في دنياك كمثل طفلين في بطن واحد قال أحدهما لصاحبه : أما أخرج ، عسى أن أرى غير هذا المكان والعالم! فلما خرج رأى سعة الدنيا ، هل يطيب له أن يعود إلى ضيق بطن أمه؟ وهكذا إذا خرجت إلى سعة آخرتك لا يطيب لك العود إلى دنيا حملتك كضيق حمل أمك. ومثلك في باب مولاك كرجل أراد الدخول إلى ملك وهو جائع ، فوجد على باب الملك كلبا ورغيفا ، فالكلب يصده عن الدخول ؛ فإن كان ذا همة عالية آثر حضرة الملك على الرغيف ، فيدخل إلى الملك فيحظى بالمآكل اللينة وينسى جوعه ، لأنه