(آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) : أي معجزة كعصا موسى وناقة صالح مثلا.
(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) : أي نبي يدعوهم إلى ربهم ليعبدوه وحده ولا يشركون به غيره.
(ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) : أي من ذكر أو أنثى واحدا أو أكثر أبيض أو أسمر.
(وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) : أي تنقص من دم الحيض ، وما تزداد منه.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى الإيمان بالتوحيد والنبوة المحمدية والبعث يوم القيامة للحساب والجزاء ، فقوله تعالى في الآية الأولى (٥) (وَإِنْ تَعْجَبْ) (١) يا نبينا من عدم إيمانهم برسالتك وتوحيد ربك فعجب أكبر هو عدم إيمانهم بالبعث الآخر ، إذ قالوا في إنكار وتعجب : (أَإِذا (٢) كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي يحصل لنا بعد الفناء والبلى؟ قال تعالى مشيرا إليهم مسجلا الكفر عليهم ولازمه وهو العذاب (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ (٣) فِي أَعْناقِهِمْ) وهي في الدنيا موانع الهداية كالتقليد الأعمى والكبر والمجاحدة والعناد ، وفي الآخرة أغلال توضع في أعناقهم من حديد تشد بها أيديهم إلى أعناقهم ، (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) أي أهلها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي ماكثون أبدا لا يخرجون منها بحال من الأحوال.
وقوله تعالى في الآية الثانية (٦) (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) يخبر تعالى رسوله مقررا ما قال أولئك الكافرون بربهم ولقائه ونبي الله وما جاء به ، ما قالوه استخفافا واستعجالا وهو طلبهم العذاب الدنيوي ، إذ كان الرسول صلىاللهعليهوسلم يخوفهم من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فهم يطالبون به كقول بعضهم : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ، قبل طلبهم الحسنة وهذا لجهلهم وكفرهم ، وإلا لطالبوا بالحسنة التي هي العافية والرخاء والخصب قبل السيئة التي هي الدمار والعذاب.
__________________
(١) أصل التعجب : تغير النفس بما تخفي أسبابه ، والمخاطب في هذا الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون تابعون له.
(٢) مثل هذا الاستفهام وقع في تسع سور من القرآن في أحد عشر موضعا ومن القرّاء من استفهم في الموضعين أئذا كنا ترابا أئنا لمبعوثون ومنهم من استفهم في موضع واحد ، فمن استفهم في الأول والثاني قصد المبالغة في الإنكار فأتى به في الجملة الأولى وأعاده في الثانية تأكيدا له ومن أتى به مرّة واحدة لحصول المقصود به لأنّ كل جملة مرتبطة بالثانية فإذا أنكر في إحداهما حصل الإنكار في الأخرى (أفاده الجمل).
(٣) (الْأَغْلالُ) : جمع غل وهو طوق من حديد تشدّ به اليد إلى العنق.