(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) : أي شددنا عليها فقويت عزائمهم حتى قالوا كلمة الحق عند سلطان جائر.
(لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) : لن نعبد من دونه إلها آخر.
(لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ) : أي هلا يأتون بحجة قوية تثبت صحة عبادتهم.
(عَلَى اللهِ كَذِباً) : أي باتخاذ آلهة من دونه تعالى يدعوها ويعبدها.
(فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) : أي انزلوا في الكهف تستترون به على أعين أعدائكم المشركين.
(يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) : أي يبسط من رحمته عليكم بنجاتكم مما فررتم منه.
(وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ) : وييسر لكم من أمركم الذي أنتم فيه من الغم والكرب.
(مِرْفَقاً) : أي ما ترتفقون به وتنتفعون من طعام وشراب وإواء.
معنى الآيات :
بعد أن ذكر تعالى موجز قصة أصحاب الكهف أخذ في تفصيلها فقال (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) (١) أي نحن رب العزة والجلال نقص عليك أيها الرسول خبر أصحاب الكهف بالحق الثابت الذي لا شك فيه (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) (٢) ، جمع فتى (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) أي صدقوا بوجوده ووجوب عبادته وتوحيده فيها وقوله (وَزِدْناهُمْ هُدىً) أي هداية إلى معرفة الحق من محاب الله تعالى ومكارهه.
وقوله تعالى : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) أي قوّينا عزائمهم بما شددنا على قلوبهم حتى قاموا وقالوا على رؤوس الملأ وأمام ملك كافر (رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ليس لنا رب سواه ، لن ندعوا من دونه إلها مهما كان شأنه ، إذ لو اعترفنا بعبادة غيره لكنا قد قلنا إذا شططا من القول وهو الكذب والغلو فيه وقوله تعالى : (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) يخبر تعالى عن قيل الفتية لما ربط الله على قلوبهم إذ قاموا في وجه المشركين الظلمة وقالوا : (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا (٣) مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ، لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) أي هلا يأتون عليهم بسلطان بيّن أي بحجة واضحة تثبت عبادة هؤلاء الأصنام من دون الله؟ ومن أين ذلك والحال أنه لا إله إلا الله؟!
وقوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ (٤) مِمَّنِ افْتَرى) ينفي الله عزوجل أن يكون هناك أظلم ممن افترى
__________________
(١) الحق هنا بمعنى الصدق في الإخبار والباء في قوله (بِالْحَقِ) للملابسة أي : القصص المصاحب للصدق والنبأ : الخبر ذو الشأن والأهمية.
(٢) الجملة بيانية أي : مبينة للقصص.
(٣) (مِنْ) ابتدائية ، أي آلهة ناشئة من غير الله تعالى.
(٤) (مِنْ) اسم استفهام ، ومعناه الإنكار والنفي ، الانكار على من اتخذ آلهة دون الله تعالى ، والنفي لوجود آلهة حق مع الله تعالى.