أي منتبهين لأن أعينهم متفتحة وهم رقود نائمون لا يحسّون بأحد ولا يشعرون ، وقوله تعالى : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ) أي جهة اليمين (وَذاتَ الشِّمالِ) أي جهة الشمال حتى لا تعدو التربة على أجسادهم فتبليها. وقوله : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) أي : وكلبهم الذي خرج معهم ، وهو كلب صيد (باسِطٌ ذِراعَيْهِ (١) بِالْوَصِيدِ) أي : بفناء الكهف. وقوله تعالى : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) أي لو شاهدتهم وهم رقود وأعينهم مفتحة (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً) لرجعت فارا منهم (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) أي خوفا وفزعا ، ذلك أن الله تعالى ألقى عليهم من الهيبة والوقار حتى لا يدنو منهم أحد ويمسهم بسوء إلى أن يوقظهم عند نهاية الأجل الذي ضرب لهم ، ليكون أمرهم آية من آيات الله الدالة على قدرته وعظيم سلطانه وعجيب تدبيره في خلقه.
من هداية الآيات :
١ ـ بيان لطف الله تعالى بأوليائه بإكرامهم في هجرتهم إليه.
٢ ـ تقرير أن الهداية بيد الله فالمهتدي من هداه الله والضال من أضله الله ولازم ذلك طلب الهداية من الله ، والتعوذ به من الضلال لأنه مالك ذلك.
٣ ـ بيان عجيب تدبير الله تعالى وتصرفه في مخلوقاته فسبحانه من إله عظيم عليم حكيم.
(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ
__________________
(١) فناء عند مدخل الكهف فشبّه بالباب الذي هو الوصيد لأنه يوصد ويغلق.