خرج عن طاعته ، ولم يكن من الملائكة ، بل كان من الجن ، لذا أمكنه أن يعصي ربه!
(أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ؟) : الاستفهام للاستنكار ، ينكر تعالى على بني آدم اتخاذ الشيطان وأولاده أولياء يطاعون ويوالون بالمحبة والمناصرة ، وهم لهم عدو ، عجبا لحال بني آدم كيف يفعلون ذلك!؟.
(بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) : قبح بدلا طاعة إبليس وذريته عن طاعة الله ورسوله.
(الْمُضِلِّينَ عَضُداً) : أي ما كنت متخذ الشياطين من الانس والجن أعوانا في الخلق والتدبير ، فكيف تطيعونهم وتعصونني.
(مَوْبِقاً) : أي واديا من أودية جهنم يهلكون فيه جميعا هذا إذا دخلوا النار ، أما ما قبلها فالموبق ، حاجز بين المشركين ، وما كانوا يعبدون بدليل قوله :
(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها).
(مُواقِعُوها) : أي واقعون فيها ولا يخرجون منها أبدا.
(وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) : أي مكانا غيرها ينصرفون إليه لينجوا من عذابها.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في إرشاد بني آدم وتوجيههم إلى ما ينجيهم من العذاب ويحقق لهم السعادة في الدارين ، قال تعالى في خطاب رسوله واذكر لهم (إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) وهم عبادنا المكرمون (اسْجُدُوا لِآدَمَ) فامتثلوا أمرنا وسجدوا إلا إبليس. لكن ابليس الذي يطيعه الناس اليوم كان من الجن وليس من الملائكة لم يسجد ، ففسق (١) بذلك عن أمرنا وخرج عن طاعتنا. (أَفَتَتَّخِذُونَهُ) (٢) أي أيصح منكم يا بني آدم أن تتخذوا عدو أبيكم وعدو ربكم وعدوكم أيضا وليا توالونه وذريته (٣) بالطاعة لهم والاستجابة لما يطلبون منكم من أنواع الكفر والفسق (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ) أنفسهم (بَدَلاً) طاعة الشيطان وذريته (٤) وولايتهم عن
__________________
(١) الفسق : مشتق من : فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرتها ، والفأرة من جحرها ، وفسق العبد : خرج عن طاعة ربه متجاوزا الطاعة إلى المعصية ، فكل من ترك واجبا وفعل حراما فقد فسق بذلك عن طاعة ربه أي خرج عنها.
(٢) الاستفهام للتوبيخ والانكار ، وذرية الشيطان بيّنت السنة كيفية وجودهم فقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم قوله : (لا تكن أوّل من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فيها باض الشيطان وفرّخ) ، فهذا دال على أن للشيطان ذرية من صلبه.
(٣) في مسلم : (أنّ للصلاة شيطانا يسمى خنزب مهمته الوسوسة فيها) وروى الترمذي أن للوضوء شيطانا يسمى الولهان يوسوس فيه.
(٤) روى مسلم رضي الله عنه قال : (قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا فيقول : ما صنعت شيئا قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرّقت بينه وبين أهله قال : فيدنيه أو قال : فيلتزمه ويقول : نعم أنت!!).