الصالح ، (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) أي ولا ينقصون ولا يبخسون شيئا من ثواب أعمالهم.
وقوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي بساتين إقامة أبدية (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) أي وعدهم بها وهي غائبة عنهم لم يروها لأنها في السماء وهم في الأرض.
وقوله : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) أي كونهم مارأوها غير ضار لأن ما وعد به الرحمن لا يتخلف أبدا لا بد من الحصول عليه ومعنى مأتيا يأتيه صاحبه قطعا.
وقوله تعالى في الآية (٦٢) (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) يخبر تعالى أن أولئك التائبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ودخلوا الجنة لا يسمعون فيها أي في الجنة لغوا وهو الباطل من القول وما لا خير فيه من الكلام اللهم إلا السّلام فإنهم يتلقونه من الملائكة فيسمعونه منهم وهو من النعيم الروحاني في الجنة دار النعيم.
وقوله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي ولهم طعامهم فيها وهو ما تشتهيه أنفسهم من لذيذ الطعام والشراب (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي في وقت الغداة في الدنيا وفي وقت العشي في الدنيا إذ لا ليل في الجنة ولا نهار (١) ، وإنما هي أنوار وجائز إذا وصل وقت الغداء أو العشاء تغير الأنوار من لون إلى آخر أو تغلق الأبواب وترخى الستائر ويكون ذلك علامة على وقت الغداء والعشاء.
وقوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ) (٢) آية (٦٣) يشير تعالى إلى الجنة دار السّلام تلك الجنة العالية (الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) منهم ، أما الفاجر فإن منزلته فيها نورثها المتقي كما أن منزل التقي في النار نورثه فاجرا من الفجار ، إذ هذا معنى التوارث : هذا يرث هذا وذاك يرث ذا ، إذ ما من إنسان إلا وله منزلة في الجنة ومنزل في النار فمن آمن وعمل صالحا دخل الجنة ونزل في منزلته ، ومن كفر وأشرك وعمل سوءا دخل النار ونزل في منزله فيها ، ويورث الله تعالى الأتقياء منازل الفجار التي كانت لهم في الجنة.
__________________
(١) روي أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (ليس في الجنة ليل ولا نهار وإنّما هم في نور أبدا وإنما يعرفون مقدار الليل من النهار بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب). ذكره أبو الفرج ابن الجوزي ، والمهدوي وغيرهما «القرطبي».
(٢) الجملة مستأنفة ، واسم الإشارة فيها للتنويه بها وبعلو مقامها وعظم الكرامة فيها لأهل التقوى.