الحسرة والندامة لا غير.
وقوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) (١) أي إذا كان تلاوة الآيات البينات تحمل المشركين على العناد والمكابرة وذلك لظلمة كفرهم فيزدادون كفرا وعنادا فإن المؤمنين المهتدين يزدادون بها هداية لأنها تحمل لهم الهدى في كل جملة وكلمة منها وهم لإشراق نفوسهم بالإيمان يرون ما تحمل الآيات من الدلائل والحجج والبراهين فيزداد إيمانهم وتزداد هدايتهم في السير في طريق السعادة والكمال بأداء الفرائض واجتناب المناهي.
وقوله تعالى : (وَالْباقِياتُ (٢) الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ) أيها الرسول (ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) في هذه الآية تسلية للرسول والمؤمنين بأن ما يتبجح به المشركون من المال والمتاع وحسن الحال لا يساوي شيئا أمام الإيمان وصالح الأعمال لأن المال فان ، والصالحات باقية فثواب الباقيات الصالحات من العبادات والطاعات خير من كل متاع الدنيا وخير مردا أي مردودا على صاحبها إذ هو الجنة دار السّلام والتكريم والإنعام.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الكشف عن نفسيات الكافرين وهي الإعتزاز بالمال والقوة إذا اعتز المؤمنون بالإيمان وثمراته في الدنيا والآخرة من حسن العاقبة.
٢ ـ بيان سنة الله تعالى في امهال الظلمة والإملاء لهم استدراجا لهم حتى يهلكوا خاسرين.
٣ ـ بيان سنة الله تعالى في زيادة إيمان المؤمنين عند سماع القرآن الكريم ، أو مشاهدة أخذ الله تعالى للظالمين.
٤ ـ بيان فضيلة الباقيات الصالحات ومنها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________________
(١) وفي الآية وجه اخر مشرق صالح وهو : أن الله تعالى يمدّ لأهل الضلالة في ضلالتهم ، ويزيد لأهل الهداية في هدايتهم إذ قال : (مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا). وقال : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) وما في التفسير صالح ومشرق أيضا.
(٢) أي : الأعمال الصالحة التي يعمل العبد إيمانا وإحسانا كالصلاة والصيام والصدقات والجهاد وذكر الله ثوابها لأهلها المدّخر لهم عند الله تعالى خير من أعمال أهل الكفر والشرك والظلم إذ هي ذاهبة هباء منثورا فيم يتعزّز الكافرون؟