(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) أي فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه (فَإِنَّ لَهُ) أي جزاء منا له (مَعِيشَةً (١) ضَنْكاً) أي ضيقة تضيق بها نفسه فلم يشعر بالغبطة والسعادة وإن اتسع رزقه كما يضيق عليه قبره ويشقى فيه طيلة حياة البرزخ ، ويحشر يوم القيامة أعمى لا حجة له ولا بصر يبصر به. وقد يعجب لحاله ويسأل ربه (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ) في الدنيا وفي البعث (بَصِيراً) فيجيبه ربه تعالى بقوله : (كَذلِكَ) أي الأمر كذلك كنت بصيرا وأصبحت أعمى لأنك (أَتَتْكَ آياتُنا) تحملها كتبنا وتبينها رسلنا (فَنَسِيتَها) أي تركتها ولم تلتفت إليها معرضا عنها فاليوم تترك في جهنم منسيا كذلك وقوله تعالى في الآية الآخرة (١٢٧) (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) في معاصينا فلم يقف عند حد ولم يؤمن بآيات ربه فنجعل له معيشة ضنكا في حياته الدنيا وفي البرزخ (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ) (٢) من عذاب الدنيا (وَأَبْقى) أي أدوم حيث لا ينقضي ولا ينتهي.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عداوة الشيطان للإنسان.
٢ ـ عدة الله تعالى لمن آمن بالقرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في حياته ولا يشقى في آخرته.
٣ ـ بيان جزاء من أعرض عن القرآن في الدنيا والآخرة.
٤ ـ التنديد بالإسراف في الذنوب والمعاصي مع الكفر بآيات الله ، وبيان جزاء ذلك.
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا
__________________
(١) (ضَنْكاً) أي : ضيّقا ، يقال : منزل ضنك وعيش ضنك ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث قال عنترة.
إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا |
|
أشدد وإن يلفوا بضنك أنزل |
(٢) أي : من المعيشة الضنك.