الشرك والمعاصي
(مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) : أي من قرآن نازل من ربهم محدث جديد النزول.
(وَهُمْ يَلْعَبُونَ) : أي ساخرين مستهزئين.
(لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) : مشغولة عنه بما لا يغني من الباطل والشر والفساد.
(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) : أي أخفوا مناجاتهم بينهم.
(أَضْغاثُ أَحْلامٍ) : أي أخلاط رآها في المنام.
(بَلِ افْتَراهُ) : أي اختلقه وكذبه ولم يوح إليه.
(أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) : أي لا يؤمنون فالاستفهام للنفي.
معنى الآيات :
يخبر تعالى فيقول وقوله الحق : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ (١) حِسابُهُمْ) أي دنا وقرب وقت حسابهم على أعمالهم خيرها وشرها (وَهُمْ فِي (٢) غَفْلَةٍ) عما ينتظرهم من حساب وجزاء (مُعْرِضُونَ) عما يدعون إليه من التأهب ليوم الحساب بترك الشرك والمعاصي والتزود بالإيمان وصالح الأعمال. وقوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ (٣) مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (٤) أي ما ينزل الله من قرآن يعظهم به ويذكرهم بما فيه (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) أي استمعوه وهم هازئون ساخرون لاعبون غير متدبرين له ولا متفكرين فيه. وقوله تعالى : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) أي مشغولة عنه منصرفة عما تحمل الآيات المحدثة النزول من هدى ونور ، (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٥) وهم المشركون قالوا في تناجيهم بينهم : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي ما محمد إلا إنسان مثلكم فكيف تؤمنون به وتتابعونه على ما جاء به ،
__________________
(١) لفظ الناس : عام وإن أريد به أهل مكة بدليل السياق في الآيات بعد.
(٢) الجملة حالية أي : اقترب للناس حسابهم والحال أنّهم في غفلة معرضون.
(٣) محدث : أي : في نزوله وقراءة جبريل له على النبي صلىاللهعليهوسلم إذ كان ينزل آية آية وسورة سورة وجائز أن يكون الذكر الرسول صلىاللهعليهوسلم لقرينة الآيات كقوله : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) وقوله : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً ..) فرسول بدلا من قوله : (ذِكْراً) وقوله (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ) أي : الرسول وهم يلعبون. قاله الحسن بن الفضل.
(٤) (لاهِيَةً) : ساهية معرضة عن ذكر الله تعالى. يقال : لهيت عن الشيء إذا تركته وسهوت عنه ، وهو نعت تقدّم عن الاسم فنصب على الحال نحو : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) ، (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) وكقول كثير عزّة :
لعزة موحشا طلل |
|
يلوح كأنه خلل |
(٥) (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من واو الجماعة في : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى).