إنه ما هو إلا ساحر (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) مالكم أين ذهبت عقولكم؟ قال تعالى لرسوله : (قالَ رَبِّي (١) يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ ...) لأقوال عباده (الْعَلِيمُ) بأعمالهم فهو تعالى سميع لما تقولون من الكذب عليم بصدقي وحقيقة ما أدعوكم إليه.
وقوله تعالى : (بَلْ قالُوا) أي أولئك المتناجون الظالمون (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) أي قالوا في القرآن يأتيهم من ربهم محدث لهم ؛ ليهتدوا به قالوا فيه أضغاث أي أخلاط رؤيا منامية وليس بكلام الله ووحيه ، (بَلِ افْتَراهُ) انتقلوا من قول إلى آخر لحيرتهم (بَلْ هُوَ شاعِرٌ) أي صلىاللهعليهوسلم وما يقوله ليس من جنس الشعر الذي هو ذكر أشياء لا واقع لها ولا حقيقة. وقوله تعالى عنه : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) أي إن كان رسولا كما يدعي وليس بشاعر ولا ساحر فليأتنا بآية أي معجزة كآية صالح أو موسى أو عيسى كما أرسل بها الأنبياء الأولون. قال تعالى : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ (٢) قَرْيَةٍ) أي أهل قرية (أَهْلَكْناها) بالعذاب لما جاءتها الآية فكذبت أفهم (٣) يؤمنون أي لا يؤمنون إذ شأنهم شأن غيرهم ، فلذا لا معنى لإعطائهم الآية من أجل الإيمان ونحن نعلم أنهم لا يؤمنون.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ قرب الساعة.
٢ ـ بيان ما كان عليه المشركون من غفلة ولهو وإعراض ، والناس اليوم أكثر منهم في ذلك.
٣ ـ بيان حيرة المشركين إزاء الوحي الإلهي والنبي صلىاللهعليهوسلم.
٤ ـ المعجزات لم تكن يوما سببا في هداية الناس بل كانت سبب اهلاكهم إذ هذا طبع الإنسان إذا لم يرد الإيمان والهداية فإنه لا يهتدي ولو جاءته كل آية.
__________________
(١) قرأ نافع والجمهور : قل ربي بصيغة الأمر ، وقرأ حفص ومن وافقه (قالَ) بصيغة الماضي.
(٢) (مِنْ) : زائدة لتقوية الكلام وتوكيد النفي المستفاد من حرف (ما).
(٣) الاستفهام للإنكار أي : انكار إيمانهم لو جاءتهم الآية أي : فهم لا يؤمنون.