(فَتًى يَذْكُرُهُمْ) : أي بالعيب والإنتقاص.
(عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ) : أي ظاهرا يرونه بأعينهم.
(يَشْهَدُونَ) : أي عليه بأنه الذي كسر الآلهة ، ويشهدون العقوبة التي ننزلها به.
(أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا) : هذه صيغة الاستنطاق والاستجواب.
(بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) : أشار إلى أصبعه نحو الصنم الكبير الذي علق به الفاس قائلا بل فعله كبيرهم هذا وورّى بإصبعه تحاشيا للكذب.
(فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ) : أي بعد التفكر والتأمل حكموا على أنفسهم بالظلم لعبادتهم ما لا ينطق.
(نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) : أي بعد اعترافهم بالحق رجعوا إلى اقرار الباطل فكانوا كمن نكس فجعل رأسه أسفل ورجلاه أعلى.
(ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) : فكيف تطلب منا أن نسألهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فيما دار بين إبراهيم الخليل وقومه من حوار حول العقيدة انه لما استغل ابراهيم فرصة خروج القوم إلى عيدهم خارج البلد ودخل البهو فكسر الآلهة فجعلها قطعا متناثرة وعلق الفأس بكبير الآلهة المزعومة وعظيمها وخرج فلما جاء المساء وعادوا إلى البلد ذهبوا إلى الآلهة المزعومة لأخذ الطعام الموضوع بين يديها لتباركه في زعمهم واعتقادهم الباطل وجدوها مهشمة مكسرة صاحوا قائلين : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) فأجاب بعضهم بعضا قائلا : (سَمِعْنا (١) فَتًى يَذْكُرُهُمْ) أي شابا يذكر الآلهة بعيب وازدراء ، واسمه إبراهيم ، وهنا قالوا إذا (فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ (٢) النَّاسِ) لنشاهده ونحقق معه فإذا ثبت أنه هو عاقبناه وتشهد الناس عقوبته فيكون ذلك نكالا لغيره ، وجاءوا به عليهالسلام وأخذوا في استنطاقه فقالوا ما أخبر تعالى به عنهم : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا)
__________________
(١) جائز أن يكون إبراهيم لما قال : متوعدا أصنامهم (تالله لأكيدن أصنامكن) كان هناك من سمعه من ضعفة القوم أو سمعه من سمعه يعيب الآلهة قبل أن يتوعدها بالكسر.
(٢) في هذا دليل على أنه كان لا يؤاخذ أحد بدعوى أحد قد لا تثبت بل لا بد من التحري حتى تثبت أو لا تثبت كما هو في شرعنا الإسلامي.