(طائِفَةٌ) : أي عدد لا يقل عن ثلاثة أنفار من المسلمين والأربعة أولى من الثلاثة.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) : أي إلا زانية مثله أو مشركة أي لا يقع وطء إلّا على مثله (١).
معنى الآيات :
قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) أي هذه سورة من كتاب الله أنزلناها أي على عبدنا ورسولنا محمد صلىاللهعليهوسلم (وَفَرَضْناها) أي وفرضنا ما اشتملت عليه من أحكام على أمة الإسلام ، وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي تتعظون فتعملون بما حوته هذه السورة من أوامر ونواه وآداب وأخلاق وقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ (٢) وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَ (٣) واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) أي من زنت برجل منكم أيها المسلمون وهما بكران حرّان غير محصنين ولا مملوكين فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة بعصا لا تشين جارحة ولا تكسر عضوا أي جلدا غير مبرح ، وزادت السنة تغريب سنة ، وقوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) ، أي لا تشفقوا عليهما فتعطلوا حدّ الله تعالى وتحرموهما من التطهير بهذا الحد لأن الحدود كفارة لأصحابها ، وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي فأقيموا عليهما الحد وقوله : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما) أي إقامة الحد (طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ثلاثة أنفار فأكثر وأربعة أولى لأن شهادة الزنا تثبت بأربعة شهداء وكلما كثر العدد كان أولى وأفضل.
وقوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) أي لا يطأ إلا مثله من الزواني أو مشركة لا دين لها ، والزانية أيضا لا يطأها إلا زان مثلها أو مشرك (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي حرم الله الزنا على المؤمنين والمؤمنات ولازم هذا أن لا نزوج زانيا من عفيفة إلا بعد توبته (٤) ، ولا نزوج زانية من عفيف إلا بعد توبتها (٥).
__________________
(١) أي : إلا مثل الواطىء يريد الزاني بالزانية والمشرك بالمشركة.
(٢) قرأ الجمهور برفع الزانية وقرأ : عيسى الثقفي بالنصب وهو أوجه عند سيبويه لأنه نحو : زيدا أضربه ، وتقدير الرفع : مما يتلى عليكم الزانية والزاني. على تقديم الخبر ، وقدمت الزانية لأنّ الزنى في النساء أعرّ وأقبح وأضر للحمل ، وال : في الزانية والزاني : للجنس ليعم سائر الزناة ، على مرور الأعصر والأيام.
(٣) لا خلاف في أنّ الذي يقوم بإقامة هذا الحد هو الإمام أو نائبه والسادة في العبيد ، وأن السوط يكون بين اللين والشدة وسطا بينهما ، ولا يتعدى هذا الحد إلا أن يجرؤ الناس على الجرائم ويكثر الشر والفساد فيعزرون بما يردعهم.
(٤) قيل : إن هذه الآية منسوخة بآية : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) وما في التفسير أولى وأظهر وبه العمل.
(٥) الجمهور على أن من زنى بامرأة يجوز له أن يتزوجها بعد استبرائها بحيضة وإذا زنت امرأة الرجل أو زنى هو لا يفسد نكاحهما.