معنى الآيات :
قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) هذا شروع في عرض أمم كذبت رسلها وردت دعوة الحق التي جاءوا بها فأهلكهم الله تعالى ليكون هذا عظة للمشركين لعلهم يتعظون فقال تعالى وعزتنا لقد آتينا موسى بن عمران الكتاب الذي هو التوراة (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) أي معينا ، فقلنا أي لهما (اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) وهم فرعون (١) وملأه فأتوهم فكذبوهما فدمرناهم (٢) تدميرا كاملا حيث أغرقوا في البحر ، وقوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ) أي اذكر قوم نوح أيضا فإنهم لما كذبوا الرسل (٣) أي كذبوا نوحا ومن كذب رسولا فكأنما كذب عامة الرسل أغرقناهم بالطوفان وجعلناهم للناس بعدهم آية أي عبرة للمعتبرين وقوله (وَأَعْتَدْنا) أي (٤) وهيأنا للظالمين في الآخرة عذابا أليما أي موجعا زيادة على هلاك الدنيا ، وقوله (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ) (٥) أي أهلكنا الجميع ودمرناهم تدميرا لما كذبوا رسلنا وردوا دعوتنا ، وقرونا أي وأهلكنا قرونا بين ذلك الذي ذكرنا كثيرا.
وقوله (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) أي إقامة للحجة عليهم فما أهلكناهم إلا بعد الإنذار والإعذار لهم. وقوله (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) أي أهلكناهم إهلاكا لتكذيبهم رسلنا وردهم دعوتنا. وقوله : (وَلَقَدْ (٦) أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) أي ولقد مر أي كفار قريش على القرية التي أمطرت مطر السوء أي الحجارة وهي قرى قوم لوط سدوم وعمورة وغيرهما فأهلكهم لتكذيبهم رسولهم وإيتانهم الفاحشة وقوله تعالى (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) في سفرهم إلى الشام وفلسطين. فيعتبروا بها فيؤمنوا وهو استفهام تقريري وإذ كانوا يمرون بها ولكنهم لم يعتبروا لعلة وهي أنهم لا يؤمنون بالبعث الآخر وهو معنى قوله تعالى (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) (٧) فالذي لا يرجو أن يبعث ويحاسب ويجزى لا يؤمن ولا يستقيم أبدا.
__________________
(١) فرعون وهامان والقبط.
(٢) في الآية حذف وهو : ما قدرناه في التفسير أي فكذبوهما فدمرناهم تدميرا.
(٣) ذكر الجنس وهو الرسل والمراد نوح وحده لأنه لم يكن في ذلك الوقت رسول إليهم إلّا نوح وحده.
(٤) وجائز أن يكون معنى الآية : هذه سبيلي في كل ظالم آخذه في الدنيا بالدمار والهلاك.
(٥) (الرَّسِ) : في اللغة البئر تكون غير مطوية والجمع رساس قال الشاعر :
تنابلة يحفرون الرسّاسا |
|
يريد آبار المعادن. |
(٦) اقتران الخبر بلام القسم لإفادة معنى التعجب من عدم اعتبارهم.
(٧) النشور : مصدر نشر الميت : أحياه قال الشاعر :
يا لبكر أنشروا لي كليبا |
|
يا لبكر أين أين الفرار |