وهي دمار المكذبين وهلاكهم مهما كانت قوتهم وطالت أعمارهم قال تعالى في خطاب رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) أي اذكر إذ نادي ربك موسى في ليلة باردة شاتية بالواد الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة (أَنِ ائْتِ (١) الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ (٢) فِرْعَوْنَ) إذ ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك وظلموا بني إسرائيل باضطهادهم وتعذيبهم (أَلا يَتَّقُونَ) أي قل لهم ألا تتقون أي يأمرهم بتقوى ربهم بالإيمان به وتوحيده وترك ظلم عباده فالاستفهام معناه الأمر. وقوله تعالى (قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) أي قال موسى بعد تكليفه رب إني أخاف أن يكذبون (٣) فيما أخبرهم به وأدعوهم إليه ، (وَيَضِيقُ صَدْرِي) (٤) لذلك (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) للعقدة التي به ، وعليه (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) أي جبريل يبلغه أن يكون معي معينا لي على إبلاغ رسالتي ، وقوله (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) هذا قول موسى عليهالسلام لربه تعالى شكا إليه خوفه من قتلهم له بالنفس (٥) التي قتلها أيام كان بمصر قبل خروجه إلى مدين فأجابه الرب تعالى (كَلَّا) (٦) أي لن يقتلوك. وأمرهما بالسير إلى فرعون فقال (فَاذْهَبا بِآياتِنا) وهي العصا واليد (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) أي فبلغاه ما أمرتكما ببلاغه وإنا معكم مستمعون لما تقولان ولما يقال لكما (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا) له عند وصولكما إليه (إِنَّا رَسُولُ (٧) رَبِّ الْعالَمِينَ) أي نحمل رسالة منه مفادها أن ترسل معنا (٨) بني إسرائيل لنخرج بهم إلى أرض الشام التي وعد الله بها بني إسرائيل هذا ما قاله موسى وهرون رسولا رب العالمين أما جواب فرعون ففي الآيات التالية.
__________________
(١) (أَنِ) تفسيرية لأنها واقعة بعد النداء وهو قول.
(٢) (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) : بدل من (الظَّالِمِينَ).
(٣) (أَنْ يُكَذِّبُونِ) : الأصل : أن يكذبوني فحذفت النون الأولى للناصب وهو أن فصارت يكذبونني ثم حذفت ياء الضمير لدلالة الكسرة عليها فصارت (يُكَذِّبُونِ).
(٤) قرأ الجمهور (يَضِيقُ صَدْرِي) ولا ينطلق لساني بالرفع للفعلين معا على الاستئناف وقرىء بنصبهما لغير الجمهور.
(٥) المراد بالنفس : نفس القبطي واسمه فاثور.
(٦) (كَلَّا) للردع والزجر عن هذا الظن.
(٧) لم يقل : رسولا إما لأن رسول بمعنى رسالة إنّا ذو رسالة رب العالمين وإما لأنّ الرسول بمعنى الجمع كالمصادر نحو. هذا عدوي وهؤلاء عدوي ، والعرب تقول : هذان رسولي وهؤلاء رسولي.
(٨) قيل : أقام بنو اسرائيل في مصر أربعمائة سنة وكانوا يوم خرجوا منها ستمائة ألف.