أيديكم من الخيرات (آمِنِينَ) غير خائفين ، وبين ما أشار إليه بقوله فيما ها هنا فقال (فِي جَنَّاتٍ) أي بساتين ومزارع بمدائنهم وهي إلى الآن قائمة (وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ ، وَنَخْلٍ طَلْعُها (١) هَضِيمٌ) أي لين ناعم ما دام في كفراه أي غلافه (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) لما خولكم الله من قوة ومعرفة بفن النحت حتى أصبحتم تتخذون من الجبال الصم بيوتا تسكنونها شتاء فتقيكم البرد. وقوله (فارِهِينَ) هذا حال من قوله (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ) ومعنى (فارِهِينَ) (٢) حذقين فن النحت وبطرين متكبرين مغترين بقوتكم وصناعتكم ، إذا (فَاتَّقُوا اللهَ) يا قوم بترك الشرك والمعاصي (وَأَطِيعُونِ) فيما آمركم به وأنهاكم عنه وأدعوكم إليه (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) (٣) أي على أنفسهم بارتكاب الكبائر وغشيان الذنوب. (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) أي بمعاصي الله ورسوله فيها (وَلا يُصْلِحُونَ) أي جمعوا بين الفساد والإفساد ، وترك الصلاح والإصلاح.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ دعوة الرسل واحدة ولذا التكذيب برسول يعتبر تكذيبا بكل الرسل.
٢ ـ الأمانة شعار كل الرسل والدعاة الصادقين الصالحين في كل الأمم والعصور.
٣ ـ مشروعية التذكير بالنعم ليذكر المنعم فيحب ويطاع.
٤ ـ التحذير من طاعة المسرفين في الذنوب والمعاصي لوخامة عاقبة طاعتهم.
٥ ـ تقرير أن الفساد في الأرض يكون بارتكاب المعاصي فيها.
__________________
(١) الطلع : وعاء كنصل السيف بباطنه شماريخ القنو ويسمى هذا الطلع بالكم بكسر الكاف ويقال له : الطلع لأنه يطلع من قلب النخلة وبعد أيام من طلوعه ينفلق من نفسه ويؤبّر وبعد قليل يصبح بلحا فبسرا فرطبا فتمرا وذكر النخل يقال له : فحّال بضم الفاء وتشديد الحاء مفتوحة والجمع فحاحيل.
(٢) فرهين قراءة الجمهور ، وقرىء (فارِهِينَ) مشتق من الفراهة التي هي الحذق والكياسة أي : عارفين حذقين بنحت البيوت من الجبال.
(٣) يريد رؤساءهم في الضلالة ممن يحثونهم على الشرك والفساد في البلاد بارتكاب الذنوب والآثام.