عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) قال «يا معشر (١) قريش اشتروا أنفسكم من الله (يعني بالإيمان والعمل الصالح بعد التخلي عن الشرك والمعاصي) فإني لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله أي من عذابه شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب ، لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا».
وقوله تعالى (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أمره أن يلين جانبه للمؤمنين وأن يعطف عليهم ويطايبهم ليرسخ الإيمان في قلوبهم ويسلموا من غائلة الردة فيما لو عوملوا بالقسوة والشدة وهم في بداية الطريق الى الله تعالى وقوله تعالى (فَإِنْ عَصَوْكَ) أي من أمرت بدعوتهم إلى توحيد الله وعبادته وخلع الأنداد والتخلي عن عبادتها (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي من عبادة غير الله تعالى وغير راض بذلك منكم ولا موافق عليه لأنه شرك حرام وباطل مذموم. وقوله تعالى (وَتَوَكَّلْ عَلَى (٢) الْعَزِيزِ) أي الغالب القاهر الذي لا يمانع في شيء يريده الرحيم بالمؤمنين من عباده ، والأمر بالتوكل هنا ضروري لأنه أمره بالبراءة من الشرك والمشركين وهي حال تقتضي عداوته والكيد له بل ومحاربته ومن هنا وجب التوكل (٣) على الله والاعتماد عليه ، وإلا فلا طاقة له بحرب قوم وهو فرد واحد وقوله (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) أي في صلاتك وحدك (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٤) أي ويرى تقلبك قائما وراكعا وساجدا مع المصلين من المؤمنين ، بمعنى أنه معك يسمع ويرى فتوكل عليه ولا تخف غيره وامض في دعوتك ومفاصلتك للمشركين. وقوله (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) تقرير لتلك المعية الخاصة إذ السميع لكل صوت والعليم بكل حركة وسكون يحق للعبد التوكل عليه وتفويض الأمر إليه.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير التوحيد ، وحرمة دعاء غير الله تعالى من سائر مخلوقاته لأنه الشرك الحرام.
__________________
(١) رواه مسلم وغيره بألفاظ فيها بعض الاختلاف.
(٢) قرأ نافع فتوكل بالفاء وقرأ غيره بالواو ، وكلا الحرفين عاطف فالفاء عاطفة على قوله : (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) وهي للتفريع أيضا والواو عاطفة على جواب الشرط وهو (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
(٣) التوكل : تفويض المرء أمره إلى من يكفيه مهمه وما دام لا كافي إلا الله وجب إذا التوكل عليه عزوجل.
(٤) في الآية دليل على مشروعية صلاة الجماعة وتأكدها واضح.